رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء كاملة بقلم سارة أسامة عبر مدونة كوكب الروايات
رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل الثاني و العشرون 22
رجت الصدمة كيانه حين وجد مكانها خاليًا إلا من صدى صوتها المستغيث الذي يتردد بأذنه وعقله، ونداءه المُعلق الذي لم يجد له إجابة..
إنها نهاية بلا قاع..
خيم عليه صمت عجيب يعتريه فراغ وهو يقف خائر اليدين يُكلله العجز المقيت..
الفزع يحتضن ملامحه وقلبه يجأر بشدة يشعر بطرقاته بعُنقه وبكل عروق وجهه المنتفخة…
سار وتجاوز سيارته حيث الطريق الرمادي، ثم جلس على عقبيه ينظر للأثار التي تركتها إطارات السيارة التي تبخرت ليعلو الغضب وجهه وقد علم على الفور من مدبر تلك اللُعبة القذرة..!
جرى غضب سعيري بجسده وهو يشعر بصدره يكاد ينفجر من مشاعر الغلّ التي ملئته.
قبض كفيه حتى انبلجت عروقه، زمجر بغضب وهو يطرق بيده على مُقدمة سيارته بملامح وجه أصبحت مرعبة تتوعد بالويلات..
صعد لسيارته ثم انطلق بسرعة جنونية تحمل بين طياتها أطنانٍ من الحقد والإهتياج..
بعد قليل جدًا كان أمام إمبراطورية آل بدران للإلكترونيات..
هبط من سيارته مغلقًا الباب بقوة أحدثت فرقعة شديدة، وبخطى جحيمية ووجه مُظلم مُغلف بقسوة مُرعبة كان يدلف للمرة الأولى بعد سنوات طويلة من الباب الرئيسي متجاهلًا تحية رجال الأمن الذين وقفوا بإحترام رغم صدمتهم لرؤية يعقوب بدران هُنا…
كان طريقه معروفًا نحو غرفة العرض لإنتاجات المؤسسة، أجهزة تُقدر بمليارات الدولارات..
لم يجرؤ أحد بالوقوف بوجهه وهو يسحب بيده قطعة طويلة من الحديد ويضرب الباب الإلكتروني بقدمه قبل أن يضع بصمته على موضع ما فانفرج الباب يُفتح ولم يتمهل ثانية وهو يهبط بعزمه كله فوق جميع الأجهزة بكل الكبت والحقد والألم والوجع والرعب الذي يأكل قلبه على حبيبته…
كان يحطم كل ما تطوله يده من غالٍ وثمين وهو يُدرك خطورة ما يفعله وكم الخسارة الطائلة التي ستحط على لعنة بدران تلك…
انطلقت صوت الأنذرات تدوى في جميع أركان الصرح العظيم ليهرول الجميع برعب وهم يدركون ما معنى هذا الإنذار…
كان على رأسهم لبيبة بدران التي رغم توترها الداخلي كانت ملامحها ثابتة جامدة…
وقف الجميع بصدمة وأعين جاحظة وهم يرون آخر شخص توقعوه….
المهندسون والمصممون ينظرون للأجهزة المُهشمة لألآف القطع أرضًا والتي لم تعد تصلح سوى للقمامة…
توقف يعقوب أخيرًا بصدر يعلو ويهبط بجنون وأنفاس متسارعة بينما العرق يقطر من وجهه وجسده حتى ابتل قميصه الأسود…
جاء بعض رجال الأمن للسيطرة على يعقوب وهم يرفعون السلاح بوجهه، لكن لم يُسمع سوى صوت ارتطام السلاح بالأرض وصدى قوي لصفعتان قويتان على وجه الرجلان، ولم يكن صاحبتهما إلا لبيبة بدران التي أصبح وجهها يبث الرعب في قلوب الجميع..
تعالَى صوت هدرها تصيح بصوت قوي جهوري:-
– إزاي تتجرأ وترفع السلام في وش يعقوب باشا وهو في بيته يا مجرم … فهمني جبت الجُرأة دي منين …. يا ويلك مني…
ووزعت أنظارها وواصلت هدرها:-
– محدش يقرب منه … إياكم تقربوا منه…
وقف يعقوب بمواجهتها ينظر لها بشرّ نظرة نارية ومازالت أنفاسه لم تهدأ وصدره يعلو ويهبط بانفعال واضح..
اقتربت منه ثم رفعت يدها تضعها على كتفه قائلة بنبرة دافئة:-
– كله فداك يا يعقوب … كله فداك يا نور عيني..
المهم تكون فرغت كل الطاقة إللي جواك، متعرفش أنا فرحانة قد أيه إن شوفتك هنا في مكانك وكل حاجة تغور في داهية المهم إن شوفتك هنا…
اقترب أكثر منها بينما أخذت يدها تمسح على وجهه تزيل عرقه بحنان، ثم همس هو بجانب أذنها بنبرة تهتز لها الأوصال:-
– إنتِ خسرتي يعقوب للأبد يا … لبيبة هانم..
للأبد…..
وقبل أن يستدير راحلًا بوجه مكفهر ألقى قطعة الحديد من يده لتُحدث ضجة صاخبة ممتزجة بصرخة ساخطة تتلظى بنيران الوجع..
ارتفع صوتها وقالت بقوة غريبة وظهره لوجهها:-
– مستحيل أخسر يعقوب خليك فاكر ده كويس يا باشا … مستحيل أخسرك مهما كان التمن…
نمت على زاوية فمه بسمة ساخرة ورحل خارجًا دون أن يستدير وقدمه تدك الأرض دكًا…
_________بقلم/ سارة نيل________
اقتحم غرفة مكتب براء بسرعة ليقفز الأخر بفزع من رؤية هيئة يعقوب الناطقة بالحال دون الحاجة لسؤاله القلق:-
– في أيه يا يعقوب حصل أيه..؟!
لم يتهمل يعقوب وهو يصرخ:-
– بسرعة يا براء حالًا مفيش وقت نضيعه، افتح البرنامج بتاع جهاز التتبع إللي في سلسلة رِفقة…
بسرعة يا براء…
هرول براء وخلفه يعقوب نحو أحد الغرف دون المزيد من التساؤلات..
صاح براء مسرعًا:-
– أكرم افتح بسرعة برنامج جهاز التتبع (…)
نفذ الضابط الذي يجلس أمام الكثير من الأجهزة ليردف يعقوب وهو يدور بالغرفة كالأسد الحبيس يمسح على خصلاته يكاد أن يقتلعهم من جذورهم ثم يستند على طرف المكتب منكسًا رأسه للأسفل مُطبقًا أسنانه بشده يطحن نواجذه حتى برزت عروق جبهته من فرط كبحه لغضبه وتلك التخيلات التي لا ترحم عقله عن حال رِفقة قطعة من قلبه بل قلبه كله، همس بنبرة يشوبها البكاء رغم قوتها وحسمها:-
– جايلك يا رِفقة مش هسيبك يا حبيبتي ومش هسمح لمخلوق يمسّ شعره منك..
حقك عليا رِفقة …حقك عليا أنا غلطان…
صرخ أكرم:-
– براء باشا الموقع أهو … السلسلة مستقرة في المكان ده…
اتجه يعقوب نحوهم بلهفة مُخرجًا هاتفه الحديث وهو يقول:-
– بسرعة انقل ليا البرنامح بسرعة..
حرك أكرم رأسه وبعد عدة دقائق سحب يعقوب الهاتف وهم بالهرولة للخارج وأمامه خريطة التتبع…
لكن أوقفه براء بقوله:-
– نيجي معاكِ يا يعقوب بقوة..
نفى يعقوب مسرعًا قبل ركضه للخارج:-
– لأ الموضوع مش مستاهل أنا هجيبها وأرجع محدش هيقدر يوقفني…
– طب متقلقش إحنا هنا كمان مش هنتنقل من قدام البرنامج…
ركض يعقوب للخارج وهو يهمس بينما ينطلق بسيارته:-
– جايلك يا رِفقة … جايلك يا عمري…
_________بقلم/سارة نيل_________
– أنا مش هعمل إللي بتقول عليه ده يا بابا مستحيل، وأنا أصلًا مش ميته على يعقوب بدران ومش عايزه أتجوزه من الأساس.
حديثها بالطبع لم ينال إعجاب والدها فاضل، صرخ يقول بقسوة:-
– وأنا قولت هتتجوزيه، أنا إللي أحدد يا غادة، وأنا أديت للبيبة هانم كلمة ومش هتكسري كلمتي يا بت إنتِ…
مصالحنا كلها متعلقة بجوازك منه، لازم تعملي اللعبة دي وتحطي يعقوب تحت الأمر الواقع وتجبريه يتجوزك..
ثكلت ثباتها وهبت واقفة تصيح بدموع منهمرة:-
– وأنا مش هدفن نفسي بالحيا وعلى جثتي أتجوز يعقوب ولا أفكر أعمل أي لعبة قذرة من إللي بتقول عليها، ولا كرامتي تسمحلي أجري ولا راجل هو مش عايزني..
مليش علاقة بمصالح حضرتك يا بابا..
أنا مش هدمر حياتي..
حتى لو أنا هنت عليكِ، أنا مش تهون عليا نفسي..
وواصلت بسخرية لاذعة:-
– وبعدين دا واحد اتجوز واتكلم بكل جُرأة قدام البلد كلها ومش هامه حاجة..
وهي لبيبة هانم عارفة تسيطر عليه أصلًا ولا قادرة تطوله.
خُلاصة الكلام يا بابا أنا مش هتجوز ألا إللي أختاره قلبي، ومش هتجوز أبدًا بالطُرق دي، أنا هتجوز جوازه طبيعية زي باقي البنات، هتجوز من واحد عايزني أنا لشخصي مش علشان أي أسباب تانيه، وأظن دا شرع ربنا صح..
رماها بنظرات غاضبة ثم تسائل بنبرة خطيرة:-
– ودا مين بقاا إن شاء الله!!
صمتت برعب وهي تُدرك مدى الصدمة التي ستقع عليه فور نطق اسمه الذي لم تقوى على ذِكره…
≡≡≡≡≡≡≡≡≡≡
صفعة عاتية تردد صداها بأرجاء قصر آل بدران، سقطت على وجه يامن شقيق يعقوب والذي جعلت وجهه يلتف للجهة الأخرى..
اعتدل ينظر بأعين مِحمرة مليئة بالغضب المكبوح، بينما هي ترميه باستحقار وغضب لم تغضبه لبيبة بدران من قبل…
شهقت فاتن واضعة كفيها على فمها وركضت تقف أمام ولدها بدفاع ثم أردفت باعتراض وتمرد:-
– ابني معملش حاجة يا لبيبة هانم، إنتِ خلصتي على يعقوب وهتديري على يامن ولا أيه، بس لا أنا ولا حسين هنسكت أبدًا..
تجاهلت لبيبة حديثها واعتراضها واتجهت بأنظارها المحتقرة حيث يامن القابض على يديه بشدة، وهدرت لبيبة بإزدراء:-
– نظرتي فيك كانت صح من البداية، إزاي تتجرأ وتحط عينك على البنت إللي أخوك هيتجوزها يا حقير .. دي بقت تخصّ يعقوب باشا..
جاي بأي عين تقولي إنت هتخطبها، دا أنا أمحيك من على وش الدنيا..
نجحت في إخراجه من كبوته وصرخ بكل غضبه يفيض بتمرد:-
– غادة مش هتكون ألا ليا، وهي كمان عيزاني وموافقة عليا ومحدش هيتجوزها ألا أنا…
كل حاجة يعقوب يعقوب .. دا أنا إللي همحيه من على وش الدنيا لو قرب منها…
هو يعقوب بس إللي حفيدك، قاعدة بتجري وراه وهو مش معبر حد فيكم وعايش بالطول والعرض زي ما هو عايز، راح اتجوز من ورانا واحدة محدش يعرف عنها حاجة واعترف بكل جُرأة قدام كل العالم وهو بيتحداكِ وبيتمرد عليكِ..
أنا عملتلك أيه علشان تفضليه عليا، في دراستي دخلت التخصص إللي يخدمك ويخدم عيلتي، ومن ساعة ما وعيت وأنا شغال وبخدم وبكبر اسم بدران وشغلنا، وإنتِ من ساعة ما أنا رجعت مش مدياني ريق حلو، كل إللي في بالك وعلى لسانك يعقوب يعقوب يعقوب، متخلنيش أكره أخويا بتصرفاتك دي…
غادة مش عايزه يعقوب ومش موافقة عليه والجواز مش بالغصب…
أنا بقولك أهو إن هتجوزها غصب عن أي حد….
جامدة من الخارج لم تتأثر بحديثه أو هكذا تظن…
ورغم هذا نطقت بثبات وبرود عجيب:-
– يبقى برا بيتي ومسحوب منك كل المميزات، محدش ليه حاجة عندي، إنت ناسي إن كل الهلُمه إللي إنتوا فيها دي على صوتي أنا، وكل حاجة هنا ملكي أنا وحفيدي يعقوب..
برا من غير كروت البنك والعربية وشغلك في صرح آل بدران..
لو إنت مفكر نفسك راجل فأحب أقولك إن إللي عاملك قيمة هو اسم بدران بس، إنت من غيره ولا حاجة…
أمّا أخوك إللي بتقل منه، فهو إللي وصله من جهده وتعبه حتى لو كنت بنكر شغله، بس هو إللي خلق إللي وصله من غير مليم من أملاكه هنا مش طلع لاقاه على الجاهز…
عرفت الفرق إللي بينك وبين يعقوب، ولسه في كتير لو حابب تسمع…
أوعى مرة تانية تقارن نفسك بالباشا يعقوب؛ لأن فرق كبير أووي بين إللي عاشه يعقوب وإللي إنت عيشته…
________بقلم/سارة نيل________
– في أيه يا دكتور طمني هما ليه حالتهم اتقلبت كدا، أيه الجديد..!!
رفع الطبيب رأسه وأردف بهدوء بينما يتأمل نرجس الباكية بكاء مرير ويحيى الذي يحتضنها بحنان بأعين دامعة وهو يطبطب على ظهرها برِفق:-
– في حدث من الماضي مرّ قدامهم، في حاجة جديدة حصلت خرجتهم من صمتهم وأحيت الذكريات المنسية..
في حدث أثار العقل، أنا هنا إللي بسأل في حاجة غريبة أو جديدة حصلت النهاردة مروا بيها…
صمتت شفاء تُعيد الأحداث السابقة لكن دون فائدة لا شيء واحد مختلف عن الأحداث المتكررة…
وَمَض عقلها بأخر مشهد..
هم لم يخرجوا عن صمتهم إلا بعد ركض يعقوب وصياحه باسم (رِفقة)..
لكن لماذا!!
أهذا المشهد يُذكرهم مثلًا بحدث مروا به في حياتهم في الماضي..!!!
_________بقلم/سارة نيل_________
تأوهت بخِفة وهي تشعر ببعض الدوار يحتل رأسها، فتحت أعينها وهي تتحسس المكان المتواجده به فيداهم عقلها الحدث الأخير..
تكومت على نفسها بخوف وطفق الذعر بعينها بينما تحتضن جسدها وتعود للخلف..
همست برعب:-
– يعقوب..
– صحيتي .. مأخدتيش وقت طويل علشان المخدر إللي إنتِ وخداه خفيف…
طرق قلبها بشدة وابتلعت ريقها الجاف محاولة إخراج كلمات مُفيدة وأن تستجمع نفسها..
– إنتوا مين .. وأنا فين .. إنتوا عايزين مني أيه..؟
كانوا رجلان قال أحدهم بصرامة دون رحمة:-
– إحنا مش جايبينك هنا علشان نإذيكِ…
باختصار كدا وبكل هدوء إنتِ هتسافري برا البلد بعيد عن هنا في طريق محدش يقدر يوصلك فيه، ومعدش لكِ حرية الإختيار للأسف؛ لأن بعد ساعتين هتكوني في قلب الطيارة إللي هتاخدك من هنا بدون راجعه..
ومتقلقيش حياتك هناك متأمنة بس طريق العودة مش هتعرفيه لأن بكل بساطة هتكوني هناك بس عايشة، حتى أبسط الحاجات مش هتعرفيها ولا حتى اسم البلد إللي هتتسجني فيها..
فإهدي ومتتعبيش نفسك وتتعبينا، مفيش فرار…
شحب وجهها وقد أدركت أن من خلف هذا الأمر هي جدة يعقوب…
كانت رِفقة جاثية بوهن ورغم ذعرها إلا أنها قالت بقوة:-
– مش هتقدروا .. مش هتقدروا هتفرقوني عن يعقوب، أنا واثقة إن يعقوب هيجي، ربنا هيرشد يعقوب على مكاني..
ضحك الرجل بسخرية وأردف:-
– بصراحة كان ليا الشرف أشوف يعقوب باشا ولو مرة واحدة كنت حكمت هيقدر ولا لا، بس للأسف أنا راجل بتاع شغل ولازم أنفذ المطلوب مني بالحرف ومش بهتم بتفاصيل.
في هذا الأثناء وصل يعقوب المكان المتواجد به جهاز التتبع المُلحق بقلادة رِفقة التي أهداها لها وحثها على عدم نزعها…
اقترب مسرعًا بتلهف وهو يقتحم المكان..
بالداخل كانت رِفقة تجلس باتجاه والرجلان يقفان على بُعدٍ منها وبينهما بمنتصف المسافة الباب..
نظر الرجل لصديقه مسائلًا بتعجب:-
– أنا سمعت زي ما يكون صوت عربيه كدا برا، إنت سمعت حاجة..
سحب الرجل عصا ثقيلة من المعدن وقبل أن يُجيب كان يعقوب يقتحم المكان وهو يصرخ بلهفة:-
– رِفقة .. رِ….
قُطع الباقي من حديثه وهو يشعر بضربة حادة شديدة على رأسه من الخلف جعلت العالم يدور من حوله، لكنه ظلّ يصمد عندما وجد أمامه رِفقة تتكوم بأحد الأركان بخوف، يحاول فتح جفونه التي أصبحت ثقيلة..
وضع يده على رأسه وهو يجاهد لعدم السقوط لكن كان الألم أشد منه وسقط في بئرٍ مُظلم بينما أعينه مُعلقة برِفقة وقد ارتسم الألم على وجهه..
صرخت رِفقة وهي تتحرك من مكانة على ركبتيها تتحسس المكان وتتفحصه بجنون باحثة عن يعقوب الذي كُتم نداءه…
– يعقوب .. يعقوب إنت فين … يعقوب..
إنت مش بترد عليا ليه…!!
نظر الرجلان إلى بعضهم البعض بصدمة وأعين جاحظة وهما يدركان أن هذا الراقد أمامهم ليس سوى يعقوب بدران حفيد لبيبة بدران نفسها..
قال الرجل بفزع:-
– الله يخربيتك إنت عملت أيه، إنت وديتنا في داهية .. دا يعقوب بدران..
دي لبيبة هانم مش هيكفيها روحك لو حصله حاجة..
ألقى الرجل ما بيده وقد تحول إلى جرو جبان وهرول للخارج وكأنه يهرب من وحش مخيف..
– بسرعة لازم نهرب .. أنا هختفي ومش هقب تاني..
لحقه الأخر بخوف مماثل فغضب تلك السيدة يطول الجميع عندما يتعلق الأمر بحفيدها يعقوب، حينها تحرق الأخصر واليابس…
في هذا الأثناء كانت تدور تلك البائسة بالأرجاء تتحسس الأرض المليئة بالقشّ بلهفة وهي تبكي بانتحاب شديد وتصرخ باسم يعقوب…
اصتدمت يديها بجسده فجلست وهي تشهق ببكاء ثم حملت رأسه على فخذيها برعب وقد انقطعت الكلمات بحلقها …همست بشحوب وفزع والرعب يدق قلبها دقًا..
– يعقوب … يعقوب .. مالك .. اصحي .. حصل أيه …
ظلت تهزه بقوة والدموع تغرق وجهها لتصرخ بينما تحتضن رأسه لصدرها:-
– لا يارب … لا يارب بسألك بأسمائك الحسنى بلاش يعقوب لأ .. طب علشان خاطر قلب رِفقة، مش هستحمل يحصله حاجة..
– يعقوب .. يلا قوم .. يعقوب … حبيبي، إنت بطلي والأبطال مش بيحصلهم حاجة..
إنت إللي ليا بعد ربنا في الدنيا دي..
يعقوب .. يعقوب .. طب يلا يا أوب اصحى..
شوف أنا بنادي عليك إزاي وإنت مش بترد عليا، حقيقي رِفقة زعلانة منك يا أوب…
تتحسس رأسه فوق خصلاته بجنون لتتوقف يدها بصدمة وهي تستشعر سائل لزج يُغرق كفها بينما تحتضن رأسه لصدرها بحنان..
انسحبت معالم الحياة من وجهها، فها هي نفس الحادثة السيئة التي فقدت فيها بصرها تتكرر أمامها مع يعقوب وهي تقف عاجزة مكتوفة اليدان..
تعيش التجربة المريرة مرتان..
حركت رأسها نافية بجنون وهي ترفض هذا الهاجس المؤلم، همست برعب ودموعها لم تتوقف:-
– لا .. لا .. لا .. لا … مستحيل يحصل كدا..ا
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق