رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء كاملة بقلم سارة أسامة عبر مدونة كوكب الروايات
رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل الخامس عشر 15
رمقهم يعقوب بجمود وتحدث بضيق:-
– خير..!
ابتسم والديه وقالت والدته بحنان:-
– جايين نباركلك يا حبيبي ونتعرف على عروستنا القمر إللي جابت يعقوب على بوزه..
قال والده بهدوء:-
– أيه مش هدخلنا ولا أيه..
تنهد بثقل وهو يفسح لهم المجال للمرور وأغلق الباب..
ولجت والدته تتأمل أركان الشقة راقية الطراز، ابتسمت وهي تهتف:-
– شقتك حلوة أوي يا يعقوب، ما شاء الله، ربنا يجعلها دايمًا مليانة بالحب والوِد..
اكتفي بتحريك رأسه وأشار نحو غرفة الإستقبال، جلس والديه فوق الأريكة لتضع والدته بعض الأشياء فوق المنضدة وهتفت بحماس:-
– فين بقاا عروستنا..
نظر لها يعقوب نظرة خامدة وغمغم بشراسة:-
– لو ناويين على شرّ أو دي خطة من لبيبة فأكيد دا مش هيبقى خير لأي حد…
ابتعلت والدته غُصة حادة بحلقها وهي ترى إنعدام ثقته بهم، لكن هذا من صُنع أيديهم وعليها تحمل العواقب..
أردف حسين والد يعقوب بجدية وعتاب:-
– قصدك إن إحنا كلاب لبيبة ولا أيه يا يعقوب، إحنا مش وحشيين زي ما إنت مفكر أوي كدا، وبعدين تبقى تنقي كلامك يا يعقوب باشا وتتكلم مع أبوك وأمك بوش مفرود شوية..
ربتت والدة يعقوب على ذراع زوجها تنظر لها برجاء ألا تصدر عنه أي كلمات قاسية ليصمت على مضض وقد أصبح يشعر بالعجز من تصرفات يعقوب العنيدة وأصبح لا يدري ماذا يفعل ليكسب مودته وثقته من جديد..!!
في حين تركهم يعقوب بصمت والسخرية ترتسم فوق ملامحه التي تبدلت فور أن وقف أمام غرفة رِفقة، طرق عدة طرقات قبل أن يدلف للداخل، لكن بمجرد أن وطأت قديمه الغرفة حتى توقف متسمرًا ينظر إلى تلك التي بالنسبة له الفتنة بحدّ ذاتها…
كانت رِفقة تقف مرتديه فستان قطني باللون الأبيض المنقوش بورود صفراء يصل إلى قبل الكعب بقليل وتصل أكمامه لمنتصف ساعديها، بينما خصلاتها التي التمعت أعين يعقوب بشغف فور رؤيته لشلال العسل هذا الذي يُماثل عينيها، خصلات عسلية متوسطة الطول ناعمة رغم وجود بعض التجاعيد اللطيفة بها والتي زادته بهاءًا…
كانت رِفقة جميلة بجمال أخلاقها وبساطتها، وقد انطبع صفاء قلبها وروحها وحُسن أخلاقها على ملامح وجهها فجعلتها فاتنة برِقتها وبراءتها الغير مصطنعة، فجمال الروح الذي ينطبع فوق الملامح لا يُضاهيه أي جمال..
اقترب يعقوب حتى صار أمامها، ابتلع ريقه وهو يُحملق بها بعاطفة مجنونة ليهمس بصوت مُجعد:-
– إنتِ جميلة أووي يا رِفقة، تاخدي العقل والقلب والروح…
توسعت أعين رِفقة من تلك الجراءة وارتفع توترها وخجلها لتقبض على فستانها وهي تُخفض رأسها … نعم هي لا ترى نظراته التي تخترقها لكنها تشعر بها فتجعل بدنها يرتجف كورقة شجر مسكينة أسفل صيبٍ عظيم..
رفعت أعينها اللامعة فهمس يعقوب بوجدان دون أن يتجمجم:-
– لو بات سهمٌ من الأعداءِ في كَبدي..
ما نالَ مني ما نالته عيناكِ..
إنبثقت بسمة مرتعشة فوق فم رِفقة رغم أن قلبها يسبح في فضاء السعادة من كلماته التي عزفت الألحان على أوتار قلبها المُستجد في تلك الأمور..
قالت لتُغير مجرى الحديث:-
– أنا سمعت جرس الباب .. في حاجة..!
أفاق يعقوب من وخمته فقد كان يشعر بأنه بجناتٍ ألفافًا بينما حشد من الطيور بقلبه تتلو خطب الحُب..
اقترب أكثر وما يتمناه قلبه الآن أن تجري أصابعه في ستائر العسل هذه المتجسدة بشعرها يتحسسها حيث اللانهاية، رغبة تُمزق عقله..
قبض على كفها يحتضنه بكفه الدافئ وقال بهدوء:-
– عندنا ضيوف برا..
وسحبها برِفق للخروج لتتسائل هي بفضول:-
– ضيوف مين!!
كان قد دلفوا لغرفة الإستقبال وجاء ليُخبرها بمن يكونوا لكن سارعت والدة يعقوب التي انتصبت واقفة فور أن لمحت رِفقة واقتربت تستقبلها بانبهار وهي ترى كيف ولدها يتشبث بيدها..
وقالت بسعادة بينما طبقة رقيقة من الدموع تطفوا فوق عينيها لأجل تلك السعادة التي على وجه يعقوب:-
– ما شاء الله تبارك الرحمن أجمل من الصورة بمراحل يا يعقوب..
أنا فاتن أم يعقوب يا حبيبتي .. وكمان موجود حسين أبو يعقوب..
وجذبتها فاتن بأحضانها بحنان وهي تقول بصدق:-
– مبروك يا بنتي ربنا يسعدك ويفرح قلبك وأشوفك إنتِ ويعقوب دايمًا فرحانين..
ابتسمت رِفقة وهي تُبادلها العناق وتستشعر حنان تلك السيدة ولينها عكس جدة يعقوب الصلبة..
أردفت رِفقة بطيبة وترحاب:-
– الله يبارك فيكِ يا طنط .. مبسوطة أووي إن قابلت حضرتك..
جذبتها فاتن نحو الأريكة وجلستا لتردف بعدها بحماس:-
– لأ طنط أيه بقاا يا حلو إنت … اسمها ماما..
قالتها وهي ترمق يعقوب المتذمر وواصلت تقول بحذر:-
– دا لو مش عندك إعتراض طبعًا يا حلو إنت..
نفت رِفقة برأسها مُردفة بوِدّ:-
– أكيد طبعًا يا ماما دا شيء يشرفني…
ردد حسين قائلًا بحنان:-
– ألف مبروك يا بنتي ربنا يجعل أيامكم كلها سعادة وهنا..
قالت رِفقة بإبتسامة واسعة وقد غمرت الراحة قلبها لطيبة والديّ يعقوب اللذان عكس جدته تمامًا:-
– الله يبارك فيك يا عمو .. والله إنتوا نورتوا ومبسوطة إن اتعرفت عليكم..
قال حسين باعتراض مرِح:-
– يعني هتقولي لأم يعقوب ماما وأنا من المغضوب عليهم .. لأ أنا زعلان يا ست البنات..
ابتسمت رِفقة وهتفت:-
– بعيد الشر طبعًا يا بابا..
كان يعقوب يجلس مستمع فقط وهو يرى الحنان المتدفق من والديه ليتسائل أين كان هذا الحنان وهم يتركونه وحيدًا برِفقة جدته القاسية كل تلك السنوات غير آبهين بوضعه، ظلّ ملتزم الصمت بينما يرمقهم بتعجب وسخرية لاذعة وعتاب يوجعهم ويُذكرهم بأخطاءهم وسهوهم..
تسائلت والدة يعقوب وهي تربت على يد رِفقة:-
– ويا ترى بقى اسم الحلو أيه..
أجابتها رِفقة:-
– اسمي رِفقة..
– يا ما شاء الله حتى الاسم مُميز يا حسين..
همست رِفقة بخجل:-
– شكرًا يا ماما فاتن تسلميلي..
واندمجوا في الحديث فيما بينهم والذي لم يشارك به يعقوب ولو بحرفٍ واحد ممت أثار تعجب رِفقة من هذا الوضع حتى أنها ظنت أن يعقوب غادر المكان فأسرعت تتحسس المكان بجانبها بريبة فاصتدمت يدها بقدم يعقوب واحتواها هو بداخل كفه وهو يهمس لها بحنان:-
– أنا هنا يا حبيبي..
خفق قلبها بجنون وتمنت أن لو تنشق الأرض وتبتلعها وثوت بمكانها ولم تقوى أن تنطق ببنت شِفة..
ابتسمت فاتن بمكر تغمز لزوجها ثم استقامت تقول بخبث:-
– يلا بينا يا حسين .. كدا كفاية هما بردوه عرسان جُداد…
جفّ حلق رِفقة وتوسعت أعينها بصدمة لتدمع أعينها من هذا الخجل وأسرعت تسحب كفها من كف يعقوب وهي تُبادر بالوقوف قائلة بتوتر وهي تهرع للهروب من الأرجاء شاعرة بأنفاسها تضيق..
– عطشانة .. هشرب .. يعني وبردوا هجيب حاجة تشربوها… أنا آسفه أخدنا الكلام ومأخدتش بالي..
وتحركت بعشوائية لتكاد أن تصتدم بحافة المنضدة الحادة فسارع يعقوب يجذبها وهو يصيح بلهفة:-
– رِفقة … حاسبي..
جذبها يعقوب إليه ليشحب لونها متسائلة بقلق:-
– في أيه..
أحاط خصرها قائلًا بعتاب:-
– كنتِ هتتخبطي يا رِفقة .. ينفع كدا..
قال والد يعقوب وهو يتحرك بصحبة زوجته نحو الباب:-
– عادي يا بنتي مفيش مشكلة، مرة تانية إن شاء الله، وإحنا بإذن الله هنكرر الزيارة..
ابتسمت رِفقة بهدوء وقالت بتلقائية:-
– دا بيتكم في أي وقت تشرفوا وتنورونا…
أقبلت نحوها فاتن تُقبلها وتُعانقها قائلة:-
– مع السلامة يا رِفقة مبسوطة إن اتعرفت عليكِ..
بادلتها رِفقة العناق وودعتها وابتعدت قليلًا، فاقتربت فاتن من يعقوب وجاءت تُمسد على يده فابتعد عن مرماها ليعلو الحزن وجهها وقالت:-
– خد بالك من رِفقة وحافظ عليها بالحنية والحب.
ابتسم يعقوب بسخرية وأردف من بين أسنانه بتهكم:-
– إنتِ بالذات متتكلميش عن الحنية يا فاتن هانم لأنها بريئة منك وإنتِ متعرفيش لها طريق..
فإياكِ تتكلمي عنها تاني.
استمعت رِفقة لحديث يعقوب بتعجب لتفزع فور أن سمعت صياح والد يعقوب المُحذر بغضب..
– يــــــــــعــــــــقــــــــوب..!
وأكمل حسين بتحذير:-
– إياكِ تتكلم مع أمك بالطريقة دي تاني مهما كان السبب..
هدر يعقوب باستهزاء:-
– حسين باشا إللي زيّ متعتبش عليه..
دي تربية لبيبة هانم أمك العزيزة، معلش بقاا يا باشا أهلي مكانوش معايا أو بالأصح مكانوش فاضيين يربوني…
لم يستطع حسين الرد وهتف بغضب:-
– يلا يا فاتن من هنا…
وخرجوا تاركين يعقوب المشتعل بالغضب خلفهم وقلبه يتمزق ألمًا، بينما رِفقة فتيقنت أن هناك الكثير بينهم والكثير مما تجهله عن يعقوب..
كانت تستمع إلى أنفاسه العالية المسفوكة والتي تنم عن غضبه وألمه لتشعر بالألم يضحن قلبها من أجله…
همست برقة وهي تتحسس طريقها إليه:-
– أوب…
ذهب غضبه أدارج الرياح مع همسها الرقيق واستدار ليذهب إليها يحوي كفيها وهمس بحنان:-
– نور عينه..
قالت بشفافية تسأله بقلق:-
– مالك .. في أيه …أنا سمعت غصب عني الكلام مش كنت أقصد والله … أنا عارفة إن مش من حق…..
قاطعها وهو يسحبها نحو الأريكة بلطف وأجلسها ثم تمدد وهو يضع رأسه فوق قدمها منتنهدًا تنهيدة ثقيلة، تفاجأت رِفقة وشعرت بالخجل لكن شعرت بحزنه وهو يغمغم بينما يتنفس بعمق:-
– كل حاجة تخصّ يعقوب حقك يا رِفقة حتى يعقوب نفسه حقك إنتِ وبس..
خفق قلب رِفقة لتسمعه يكمل بنبرة مصبوغة بالوجع:-
– هعرفك على يعقوب وكل حاجة مرّ بيها…
بدأ يسرد لها القصة منذ الطفولة وما مرّ به من ألآم … ترك والديه له مع جدته .. قوانين لبيبة بدران الصارمة … كل الأشياء الطفولية التي حُرم منها … هذا لا يجوز .. هذا لا يصح أن يقع من حفيد آل بدران البكري حتى وإن كان طفل..
هذا غير مُباح … لا يُسمح له أن يفعل هذا…
جميع القيود التي عاش أسيرًا لها حتى أحلامه التي حُرم منها لمجرد أن هذا ما تُريده لبيبة بدران فقط….
الحنان الذي حُرم من مذاقه حتى الآن…
ليخلق كل هذا بداخله التمرد ورفض كل ما لا يُريده..
ختم بقوله النازف:-
– تعرفي كان ساعتها أقصى أمنياتي أيه، فاتن تيجي تحضني وتقعد جمبي تحكيلي الحكاية لغاية ما أنام، كنت بفضل فاتح عيني في الضلمة ومش جايلي نوم بس لازم أكون على السرير في الميعاد ده ومش أخالف القوانين..
لما بيجوا يصحوني من النوم كان بيبقى نفسي أنام بس ولو عشر دقايق كمان .. بس كان لازم أقوم في الميعاد ده أصل دي القوانين..
مينفعش تعيط علشان إنت مش ضعيف، مفيش حاجة اسمها ألعب ولا ألعاب دا كلام فاضي ومضيعة للوقت، لازم تروح درس السباحة بس طبعًا لواحدي مش مسموح بوجود أي طفل تاني علشان مختلطش معاه …. ركوب الخيل علشان دي سِمة لأفراد بدران إللي بيجري في عروقهم عسل بدل الدم…
إنت يعقوب بدران ولازم تتصرف على الأساس ده..
لغاية ما كبر يعقوب … وحيد … منبوذ علشان هو متكبر من عيلة رافعة راسهم في السما..
أصل سواق بيجيبه وسواق بيوديه من على باب المدرسة لباب البيت ودا علشان ميختلطش بحد..
ودروسه كلها في البيت لواحده…
كان يعقوب قدام المجتمع الشخص المتكبر المغرور وهو كان جواه لو حد أخده بالحضن هينفجر في العياط… وكتير وكتير..
بس هي دي حكاية يعقوب المتكبر…
كانت رِفقة تستمع إليه بقلب يتمزق وهي لا تصدق ما تسمع … كم هذه القيود لطفل في الخامسة حُرم من أقل حق له..!
غرق وجهها بالدموع ورفعت أصابعها تُمسد رأسه الموضوع فوق فخذها وتتحسس شعره بحنان جارف ليُغمض يعقوب عينيه بتأثر ليسمعها تقول بشهقات مكتومة:-
– حقك عليا … حقك على قلب رِفقة…
سحب يدها وأخذ يُقبل باطن كفها وهمس:-
– دا إنتهى يا رِفقة .. أنا اتحررت من قيود لبيبة بدران وبنيت حلمي وشغفي وبقى عندي سلسلة مطاعم البوب بعيدة عن اسم بدران نهائي..
كمان كل الوجع إنتهي بوجود رِفقة..
رِفقة خلاص بقت موجودة وهي عوضي عن كل حاجة…
ارتعش شفتي رِفقة من درجة الصدق في حديثه وشعرت بقلبها يرف مُحلقًا وعشق يعقوب يتأصل بقلبها للجذور وتمنو غصون وارفة الظلال..
حاجةٌ بنفسها جعلتها تسير بأصابعها بتروي على ملامح وجهه لتراه بطريقتها..
تحسست لحيته .. جبينه .. أنفه .. عيناه..
وتركها يعقوب وهو مستمتع بفعلتها ليتسائل بمرح:-
– هاا .. حلو ولا..
ابتسمت بخجل قائلة بمراوغة:-
– لأ .. مش حلو..
رفع أعينه يرمقها بصدمة لتُكمل هي بلطف:-
– وسيم…
ضحك برضى وأردف بمرح:-
– إذا كان كدا مقبولة…
تنحنحت رِفقة وقالت بجدية ممزوجة بالترفق:-
– أوب .. كنت عايزاك تسمعني..
حقك تزعل من والدك ووالدتك وأنا عذراك ومقدرة إنك مجروح منهم..
بس عايزه أقولك على حاجة، دول أبوك وأمك وواجب عليك برهم والإحسان إليهم حتى لو كانوا مش مسلمين ودا إللي دينا أمرنا بيه وإللي رسولنا الكريم وصانا بيه يا يعقوب..
اسمعهم وأعطي لقلبك فرصة للمسامحة ومتقفلش عليه .. عارفة إنها صعبة وإن دي النفس الإنسانية وحاجة بتبقى خارجة عن إرادتنا…
بس الدين والإيمان لما بيسكنوا القلب مش بيخلوا مكان للحقد والضغينة وبيساعدنا نتخطى، متفكرش في إللي فات فكر في إنك تعوض كل إللي فات وافتكر إنك واجب عليك بِرهم مهما عملوا … وعايزاك تعرف إنك بكدا هتبقى من المحسنين إللي ربنا بيحبهم ودا إللي ربنا قاله..
(وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
أنا حاسه بيك وعارفة إنها مش هتحصل مرة واحدة … بس جرب وأنا معاك…
رغم حزنه وألمه لكن ثمة راحة عجيبة انبثت لقلبه من حديثها الرقراق…
حقًا هي نعمة من الله له، هي الجزاء لصبره، هي العوض لحرمانه، هي الجبر لقلبه…
اعتدل ثم اقترب منها طابعًا قُبلة طويلة فوق جبينها وهمس بابتسامة:-
– جزاكِ الله خيرًا يا رِفقة، وبوعدك إن هحاول…
قالت بسعادة:-
– أيوا كدا دا أوب إللي أعرفه … ويلا بقاا أنا جعانة أووي …أيه اليوم إللي مفهوش أكل ده، لتكون بخيل يا أوب…
استقام يعقوب وجذبها إليها وهو يهتف بسعادة:-
– آآه نسيت إنك زي دلوقتي بتكوني في مطعم البوب بتاكلي فطيرة بالتفاح وكريب بالنوتيلا وقايمة طويلة عريضة إنتهاءًا بالكوردون بلو…
رددت بتذمر طفولي:-
– ألاه بقااا هو إنت كنت بتراقبني بقاا يا سي يعقوب..
وصحيح قولي أيه موضوع الصورة إللي ماما فاتن قالت عليه ده..
سحبها نحو المطبخ ضاحكًا وهو يقول:-
– إنتِ متعرفيش لسه حكاية يعقوب مع رِفقة…
ناكل نشحن طاقة وبعدين أحكي…
رددت بفضول وهي تجذب ذراعه بإصرار واعتراض:-
– لأ قولي دلوقتي..
رفع حاجبيه بعجب وانحنى يحملها من خصرها يضعها فوق طاولة المطبخ وردد بسخرية وهو يسحب أنفها:-
– شايف دلوقتي إن الجوع ما شاء الله معدش ليه أثر..
أبعدت خصلاتها عن وجنتيها قائلة بضحك:-
– هو إنت متعرفش حكمة الفيلسوفة رِفقة…
اسمع .. اسمع يا سيدي..
وتنحنحت تكمل:-
– رِفقة تقول .. إذا حضر الفضول مات الجوع..
نعم شكرًا شكرًا ولا داعي للتصفيق عارفة إن شاعرة وحكيمة…
انفجر يعقوب ضاحكًا وقرص وجنتيها ثم ردد:-
– طب اسمعي بقاا يعقوب بيقول أيه…
يعقوب يقول … إذا حضر الجوع غاب كل الفضول..
تذمرت عاقدة وجهها كالأطفال وجاءت تعترض لكنه قاطعها بحسم:-
– هناكل الأول يا رِفقة خلص الكلام..
عقدت ذراعيها وهي تُحرك قدميها بيأس وتسائلت بفضول وهي تشعر أن الجدران التي بينم تسقط هاوية:-
– طب هتأكلني أيه..!!
ردد بعجب:-
– هي الناس بتفطر بأيه..!!
أشاحت وجهها باعتراض قائلة:-
– لا لا .. وقت الفطار خلاص عداا، يلا بينا نمزج فطار وغدا سوا…
دلوقتي بصراحة كدا نظرًا لظروفي طبعًا مش بطبخ، بس أنا نفسي أوي أجرب شعور إن أطبخ..
تنفست بعمق وأكملت بشغف وثقة تحت نظرات يعقوب وأسماعه:-
– وطالما إنت معايا يبقى هتحققلي الأمنية دي، يعني يلا بينا نطبخ سواا وبصراحة نفسي دلوقتي في مكرونة بالباشميل وبانيه بس يكونوا من عمايل إديا … عايز أجرب الشعور ده..
وأنا عارفة طريقة عمايلهم سماعًا كدا…
ممكن إنت تساعدني…
تذكر شيء ما ليبستم بسخرية، فلو علمت لبيبة بدران أن أحد أفراد العائلة العزيزة دلف للمطبخ ستقوم القيامة..
فمن ضمن قوانينها أنه ممنوع الجلوس وتناول الطعام بالمطبخ وإلزامها بساعات محددة لتناول الطعام على المائدة باجتماع الجميع وهذه واحدة ضمن آداب المائدة لديها..
هبطت رفقة وجمعت شعرها بأحد مشابك الشعر وفركت يديها بحماس..
– يلا بينا…
أخرج يعقوب كل المكونات وأخذ يساعدها وهو يوجهها بكل خطوة وهو حريص على عدم إصابتها بأي شيء … يقف خلفها يلف ذراعيه حولها بينما يمسك يديها واضعًا يده فوق يديها يساندها بينما هي تقطع وتُقلب وتمزج المكونات في جو من المرح والمودة والعشق…
ــــــــــــــــــــــــــ•❥❥❥•ـــــــــــــــــــــــــــ
قالت المساعدة الشخصية بجدية:-
– لبيبة هانم .. المعلومات إللي حضرتك عيزاها عن رِفقة كلها جاهزة وطبعتها في الملف ده…
حركت لبيبة رأسها لتناولها إياه وأخذت تتفحصه بدقة بوجه مشدود، رفعت رأسها وهتفت بنبرة مخيفة:-
– اسمعيني كويس وإللي أقوله يتنفذ بالحرف الواحد أنا مش هسمح بأقل غلطة تحصل…
وأخذت تُملي عليها أوامرها الدقيقة…
ــــــــــــــــــــــــــ•❥❥❥•ـــــــــــــــــــــــــ
كانت رِفقة تقف بشرود لتشعر بشيء غريب يطوف بها، تلبسها الرعب وشحب وجهها لتصرخ بذعر:-
– يــــــــــعــــــــقــــــــوب …. إلــحــقـنـي…
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق