Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية شمس الحياة الفصل الثاني 2 بقلم روان سلامة

 رواية شمس الحياة الفصل الثاني 2 بقلم روان سلامة

رواية شمس الحياة الفصل الثاني 2 بقلم روان سلامة

Rawan Salama:
#شمس_الحياة
الفصل الثاني:
                                 حزن يغتالني
                                  وهم يقتلني
                            وظلم حبيب يعذّبني
              آه! ما هذه الحياة التي كلّها آلام لا تنتهي
                                وجروح لا تنبري 
                          ودموع من العيون تجري
                                 جرحت خدّي 
                                أرّقت مضجعي
                                 وسلبت نومي.

استقرت الرصاصة بجسد يزيد المنزلاوي لتفتك الآلام صدره بعد أن ذهب مسرعا ليقف أمام نديم قبل أن تصبه الرصاصة، فوقع على الأرض متألما والتف الجميع حوله، نظر إليه يوسف وقد اغرورقت عيناه بالدموع قائلا وهو يجثو على ركبتيه بجانبه:
_ليه عملت كده يا يزيد ليه؟ متسبنيش أنت كمان.
أردف يزيد وهو يصارع الآلام التي تفتك بجسده الوهن قائلا بصوت متقطع:
_عشان أرتاح....عايز أرتاح....عايز أشوفها يا يوسف.....وحشتني أوى....نورهان وحشتني أوى...
فور أن أنهى حديثه غاب عن الوعي مغمضا عينيه بسكينة وهدوء فأخذت كاميرات الصحافة بتصوير أكثر المشاهد إيلاما لهذه العائلة، أخذوا بتصوير يوسف وهو يجلس بجانب أخيه يبكي بانكسار كطفل صغير يخاف فقدان عائلته.....أخذوا بتصوير نديم وهو يقف كالتائه وعينيه ممتلئة بالدموع، وفاروق الذي لم يتحمل الصدمة ووقع على الأرض متألما.....أخذوا بتصوير وِقَّاص الذي شعر بأنه يفقد أخيه فكان يزيد بالنسبة إليه أقرب شخص منذ أن سافر إياد أخيه الأكبر، وزياد كان يقف وهو ينظر بانكسار ليزيد فهو بالنسبة إليه كان صديقه الذي يخبره كل شيء، بينما تقف ناردين وهي تشعر بألم كل شخص فهي ترى نظرات أخيها المنكسرة، وترى انكسار محبوبها يوسف كالطائر الجريح فهي لم تره بهذا الضعف منذ أن توفيت والدته وفجأة وقعت مغشيا عليها وكأن عقلها وجسدها المنهك يرفضان البقاء في هذا العالم المؤلم، فحملها نديم واتجه بها مسرعا إلى السيارة من دون أن يراه أحد، بينما يقف كريم كالتائه وهو يتذكر أكثر لحظاته انكسارا؛ لحظات وداع أخته لحياتها؛ لحظات خروج روحها من جسدها، والآن يرى هذه العائلة وهي تتحول إلى حطام.....أخذوا بتصوير سليمان المنزلاوي كبير هذه العائلة يقف كالتائه، ألا يكفي ما خسره منذ ثلاث سنوات هل سيخسر الآن يزيد أيضا؟ هل ستتحول هذه العائلة إلى حطام مرة أخرى؟.....وروجين من اتهمت نفسها أنها سبب تدمير هذه العائلة والسبب في هذه الآلام كلها. 
فجأة صرخ بهم يوسف بصوت مرتفع متحشرج من البكاء قاطعا أفكارهم المتداخلة:
_اطلبوا الإسعاف بسرعة....نديم اعمل حاجة عشان خاطري، أنا مش عايز أخويا يروح مني اطلبوا الإسعاف.
حاولت أسيل تخطي هذا الحشد المتجمع وجثت على ركبتيها بجانب يوسف قائلة له بهدوء:
_لو سمحت حاول تهدى يا دكتور يوسف أنا هحاول أعمله الإسعافات على ما الإسعاف توصل.
أخيرا وصلت الإسعاف وحملت يزيد متجهة به إلى المشفى وبعد وقت قليل كانت السيارات متصافه بجانب بعضها بشكل عشوائي أمام المشفى.
ترجل نديم مسرعا من سيارته حاملا ناردين بين يديه متوجها إلى الطبيب وبعد لحظات قصيرة تم الانتهاء من فحصها بواسطة الطبيب ووضع لها بعض المحاليل الطبية فتركها نديم بالغرفة وذهب ليطمئن على يوسف.
وجده يجلس أمام غرفة العمليات يبكي كالطفل التائه فهو لا يعرف لمن يذهب، هل يذهب ليطمئن على والده أم ينتظر نجاة أخيه؟
وقفت صبا بجوار وِقَّاص تضمه وتحاول مساندته وذهب نديم ليجلس بجوار يوسف واضعا يده على كتفه قائلا له بصوت صارع ليخرج هادئا متزنا:
_خليك قوي يا يوسف وإن شاء الله هو هيقوم منها خليك قوي عشان أبوك.
_أنا مش عارف أستنى مين فيهم يا نديم أبويا وأخويا بيروحوا من إيدي وأنا مش عارف أعمل حاجة.
_متقولش كده يا يوسف خلي إيمانك بربنا كبير إن شاء الله هيقوموا بالسلامة.
أخذ ينظر يوسف بعينيه باحثا عن ناردين وعندما لم يلمح طيفها سأله بقلق:_فين ناردين يا نديم؟.....اوعى يكون حصلها حاجة هي كويسة صح؟
_متقلقش هي كويسة هي بس ضغطها نزل شوية.
_نديم روحلها عشان خاطري وخليك جنبها طمني عليها أول ما تفوق. 
_طيب خلاص اهدى بس أنت وخليك هنا وأنا هروحلها وزياد مستني عند عمي متقلقش.
ذهب نديم متوجها إلى غرفة ناردين فوجدها بدأت تفتح مقلتيها فنظرت له متسائلة بوهن:
_هو حصل إيه أنا إيه اللي جابني هنا؟
أجابها نديم بهدوء:
_مفيش حاجة أنتي ضغطك بس نزل شوية لما المحلول يخلص هنروح.
بدأت هي بتذكر ما حدث وكأنه شريط يعاد مرة أخرى بذاكرتها، فقالت وهي تتحامل على آلامها محاولة النهوض:
_نديم والنبي أنا بقيت كويسة أنا عايزة أروح أشوف يوسف عشان خاطري عايزة أطمن على يزيد.

_طب استني بس يا حبيبتي شوية لما المحاليل تخلص.
أخذت دموعها تنهمر على وجنتيها قائلة له:
_لأ والنبي يا نديم أنا لازم أروحله هو هتلاقيه دلوقتي حاسس انه لوحده ومحتاج حد جنبه.
وافق نديم على مضض وأسندها إلى أن ذهبت عند يوسف فجلست بجواره بهدوء.
قال نديم موجها حديثه إلى يوسف:
_متخليهاش تتحرك من هنا عشان ضغطها لسه واطي وأنا هروح أشوف عمو وأجي أطمنك.
أردف يوسف قائلا بدوره:
_طيب متقلقش عليها بس طمني على بابا بسرعة.
فور أن ذهب نديم أمسكت ناردين يد يوسف بأنامل مرتعشة وهي تضغط على يده بخفة وكأنها تخبره بوجودها إلى جانبه دائما وهمست في أذنه بصوت منهك قليلا:
_متقلقش عليهم إن شاء الله هيقوموا بالسلامة ويبقوا كويسين.
_إن شاء الله ادعيلهم يا ناردين.
كانت تقف روجين تتابع جميع أفراد هذه العائلة التي بدأت تتفكك وتصبح محطمة هي تشعر أنها المسئولة عن كل هذا فآدم ذهب إلى هناك بسببها هي، ثم بدأت تدعي لهم ربها وترجوه أن يشفي يزيد بصوت منخفض للغاية والدموع تتلألأ بداخل عينيها.

                                   *****

بعد مرور أكثر من نصف ساعة عاد نديم إلى يوسف وعلى وجهه ابتسامة صغيرة قائلا:
_الحمد لله عمو قام بالسلامة هو بس هيبات يومين في المستشفى لأنها كانت نوبة قلبية بس هو بقى كويس الحمد لله. 
نظر له يوسف بامتنان وأعين دامعة متمتما:
_الحمد لله يارب. 
قالت له ناردين بابتسامة هادئة:
_مش قلتلك إن شاء الله هيقوموا بالسلامة أهو عمو بقى كويس وإن شاء الله يزيد هيبقى كويس هو كمان. 
_إن شاء الله يا ناردين.
كان يقف سليمان يتابع هذا المشهد وهو يتصنع القوة والصلابة من خارجه فهو لابد أن يكون قويا أمام أبناءه وأحفاده ويلبس ثوب الصلابة، لكن نديم كان يرى الانكسار بداخل عينيه فهو منذ أن مرضت عمته وهو يرى كل يوم هذا الانكسار والخيبة بداخل عينيه وكأنه يتهم نفسه أنه السبب في وضع ابنته وكأن تقصيره واهماله هو من أوصلها إلى هذا الوضع، ذهب نديم وجلس بجانبه قائلا له بهدوء:
_على فكرة مش عيب انك تظهر ضعفك لعيلتك أنا فاهمك وعارف أنت حاسس بإيه بس عمو بقى كويس وأنشاء الله يزيد هيقوم منها هو كمان.
ربت سليمان علي كتف نديم قائلا له وهو مازال يتصنع القوة والجبروت:
_روح شوف مراتك يا ابني واقفة على رجليها من الصبح وهي عروسة خليك جنبها.
تيقن نديم من عدم إرادة جده بإظهار ضعفه حتى أمامه، فنهض مقبلا يده قائلا:
_حاضر هروح أشوفها وأنت خلي بالك من نفسك.

 
                                  ****

لمح نديم طيفها وهي تقف بفستان زفافها والوجوم يعلو وجهها تنظر بأعين دامعة إلى غرفة العمليات وكأنها تنتظر شخصا تعرفه منذ سنوات فقال لها نديم باستغراب:
_هو أنتي تعرفي يزيد قبل كده؟!
فنظرت له باستغراب ثم أردفت:
_لأ بس ليه السؤال ده؟
_مش عارف بس قاعدة تعيطي على واحد متعرفيهوش أصلا وواقفة مستنياه عند أوضة العمليات فاستغربت.
قالت له وهي تصارع نزول دمعاتها فهي لا تظهر ضعفها أمام أي شخص وبالأخص هو:
_عشان أنا شوفت نظرة الحزن اللي في عين كل واحد فيكوا وحسيت قد إيه أنتو بتحبوه وأن هو شخص مهم عندكم فمش عايزة أكون أنا السبب أن أنتو تخسروه ومش هستحمل أن حاجة زي دي تحصل بسببي.
فنظر لها نديم بإعجاب فكم هي نقية المشاعر رقيقة القلب وكأن قلبها مازال يحتفظ بطهارته منذ ولادتها:
_أنتي مش السبب في حاجة يا روجين وهو انشاء الله هيقوم ويبقى كويس، أنا هشوف زياد وأرجعلك لو احتاجتي حاجة قوليلي.
ذهب نديم منسحبا بهدوء من جانبها وكأنه يترك لها مجال لتبكي وتظهر ضعفها، فتوجه صوب زياد وجلس بجانبه قائلا له:
_على فكرة يزيد قوي وإن شاء الله ربنا هيقومه منها بالسلامة. 
بكي زياد بين أحضانه بانهيار وكأنه أعاد فتح جراحه مرة أخرى، قائلا له من بين شهقاته:
_أنا خايف أوي يحصله زي نورهان يا نديم أنا من ساعة ما إياد سافر وهو بقى أقرب حد ليا.
قال نديم وهو يمسد بيده على ظهره في محاولة لتهدئته:
_يزيد هيبقى كويس إن شاء الله خلي إيمانك بربنا كبير يا زياد.

                                  *****

خرج الطبيب من غرفة العمليات ويبدو على وجهه علامات الإنهاك وتبعته أسيل، فقد أصرت على حضورها للعملية.
نهض الجميع من مقاعدهم سريعا حينما رأوا خروج الطبيب ينتظرون حديثه، فبدأ هو حديثه بنبرة عملية هادئة:
_الحمد لله قدرنا نطلع الرصاصة من جسمه هو بس محتاج دم لأن هو نزف كتير وهيفضل تحت المراقبة لمدة 48 ساعة فياريت لو تعرفوا حد فصيلة دمه AB negative ييجي يتبرع بسرعة.
أردفت صبا مسرعة فور انتهاء الطبيب من حديثه:
_أنا نفس فصيلة الدم وممكن أتبرعله.
نظر لها وِقَّاص بنظرات امتنان، ثم ذهبت هي مع الممرضة بهدوء وبعدما انتهت من تبرعها بالدماء احتضنها وِقَّاص بضعف لا يظهره أمام أي شخص، ولأول مرة يبكي وِقَّاص المنزلاوي أمام أحد، هتف قائلا من وسط بكاءه:

_بجد شكرا أوي يا صبا أنا مش عارف من غيرك كان ممكن يحصل إيه، لو يزيد حصله حاجة يا عالم عمي كان ممكن يحصل فيه إيه أنتي مش عارفة أنتي عملتي حاجة كبيرة إزاي.
قالت هي بدورها بحنو وهي تزيل دمعاته بأناملها الرقيقة:
_أنا مش عيزاك تشكرني أنا معملتش حاجة أنا بس عايزاك توعدني انك هتفضل جنبي طول العمر ومهما حصل اوعى تسبني.
_مش هسيبك أبدا أوعدك......تعالي أوصلك أنتي ونور الوقت اتأخر أوى.
_تمام بس لو حصل أي حاجة اتصل بيا وابقى طمني.
أوصل وِقَّاص نور وصبا إلى المنزل.
عاد إلى المشفى مرة أخرى وهو يقود سيارته بسرعة عالية وكأنه يدهس الدقائق والثواني تحت إطارات سيارته.

 
                                ******

وقف نديم منهكا من كثرة محاولاته لإقناع جده بالذهاب إلى المنزل لأخذ قسط من الراحة مع عمه حسين، بينما ذهبت روجين إلى يوسف وجلست بجواره تنظر له بأسى قائلة باعتذار:
_أنا آسفة..... أنا عارفة انها كلمة ملهاش لازمة بس لو في إيدي حاجة أعملها قولي عليها و.....
نظر لها يوسف باستنكار مقاطعا حديثها بحدة:
_آسفة!....آسفة على إيه هو أنتي وقعتي عليا عصير؟ أنتي كان ممكن تبقي السبب في موت أخويا وأبويا كان هيموت بحسرته على ابنه.
امتلأت عيناها بالدموع فهي ليس لها ذنب في كل ما يحدث ثم حاولت استجماع قواها قائلة:
_بس أنا والله مكنتش أعرف أن في حاجة ممكن تحصل و....
قاطع هو حديثها بحدة مرة أخرى قائلا:
_لو سمحتي ممكن تمشي من هنا.
فنهضت روجين وهي تبكي .....تبكي حزنا على اتهامه لها وتبكي ألما على شعورها بالذنب الذي سيخنقها..... تبكي حسرة بسبب خوفها من أن تتفكك هذه العائلة بسببها.... تبكي خوفا من فكرة أنها وضعت ثغرة مؤلمة بداخل قلب أحدهم.

 
                                     *****

وأخيرا استطاع نديم إقناع الجميع بالرحيل ولم يبقى بالمشفى غير يوسف ووِقَّاص وروجين.
قال لهم نديم قاطعا أفكار كل منهم:
_طب يا جماعة أنا هاخد روجين أوصلها البيت وورايا مشوار كده هعمله وأرجع تاني .
تبادل يوسف ووِقَّاص نظرات التعجب فأي مشوار هذا الذي سيذهب إليه بعد منتصف الليل وبمثل هذا اليوم؟ لم يستطع يوسف كبت فضوله أكثر من ذلك فهتف متسائلا:
_مشوار إيه؟
أجابه نديم بنبرة غامضة لم يستطع أحد فك شفراتها:
_اوعى تكون فاكر أن أنا هسيب حق يزيد يروح في الأرض. 
ذهب صوب روجين ممسكا يدها وخرجا من المشفى دون انتظار سماع حديث أي منهم.
قالت له روجين متسائلة بفضول:
_نديم أنت هتعمل إيه؟
أجابها هو بجمود:
_ملكيش دعوة أنا هروحك دلوقتي هتلاقي ناردين مستنياكي في البيت هتوريكي الأوضة.
أردفت بنبرة خائفة استطاع هو أن يستشفها من صوتها:
_اوعى تكون هتموته.
لم يجبها متعمدا ولم يظهر أي شيء على ملامح وجهه الجامدة الباردة، ثم أوصلها إلى المنزل وقبل أن تنزل من السيارة أمسك يدها وهو يجذبها نحوه قائلا:
_روجين متزعليش من الكلام اللي يوسف قاله هو بس كان متعصب وأعصابه بايظة عشان اللي حصل.
قالت له بنفس الهدوء والجمود بصوته:
_لا أبدا أنا مزعلتش وبعدين مفيش حاجة تضايق ومتخافش أنا فاكرة كويس أوى احنا اتجوزنا ليه يعني مليش حق اضايق أصلا ولغاية ما لعبة الجواز دي تخلص أنا مش هعمل أي حاجة تضر العيلة دي يا....يا نديم المنزلاوي. 
هتفت بآخر كلمة من حديثها بتهكم، ثم ترجلت من السيارة سريعا دون انتظار لسماع حديثه وكأنها لا تعبأ لما يقول وأخذ هو يتابع ذهابها بأعين متعجبة من كل هذه القوة التي تكنها بداخلها ومن هذه الحصون التي تقيمها من حولها وكأنها تخاف من تقربه إليها.
#روان_سلامة
___________________________________

يتبع الفصل التالي اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية "رواية شمس الحياة"اضغط على اسم الرواية


reaction:

تعليقات