Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية شمس الحياة الفصل السابع والعشرون والاخير 27 بقلم روان سلامة

 رواية شمس الحياة الفصل السابع والعشرون والاخير 27 بقلم روان سلامة

رواية شمس الحياة الفصل السابع والعشرون والاخير 27 بقلم روان سلامة

في لحظات القنوط.. الهبوط...السقوط ...الفراغ...الخواء وفي   
                 لحظات انتحار الأماني وموت الرجاء...
                           وفي لحظات التناقض...
                    حين تصير الحبيبات...والحب ضدي...
                          وتصبح فيها القصائد ضدي ...
      وتصبح حتى العيون التي بايعتني على العرش ضدي...         
                       وفي اللحظات التي أتسكع فيها
                             على طرق الحزن وحدي...
                             أفكر فيك لبضع ثواني...
                         فتغدو حياتي حديقة وردِ...

 

استيقظت روجين من نومها ولم تجد نديم بجوارها ولكنها وجدته يضع لها زهرة باللون الأحمر وأسفلها رسالة ممتلئة برائحة عطره المحببة إلى قلبها فانتابها شعور بالخوف والقلق عندما تذكرت ما فعله يوسف قبل ذهابه، فأمسكت الرسالة بأيد مرتعشة وهي تقرأها بسرعة عالية، ولكن سرعان ما ذهب خوفها وحل محله ابتسامة صغيرة على وجهها حين قرأت ما خطه بأنامله، ثم أمسكت الوردة الحمراء وأخذت تشم رائحتها الممتزجة برائحة معشوقها، بعد لحظات قصيرة أمسكت هاتفها لتتصل به مثلما طلب منها، بعد بضع لحظات قصيرة أتاها صوته قائلا:
_صحيتي يا حبيبتي؟.
أجابته بسعادة:
_آه وشميت ريحة الوردة اللي أنت سايبهالي كمان.
أردف بهدوء:
_حبيبتي ممكن أكلمك بعد شوية عشان أنا مش فاضي.
قالت متسائلة:
_أنتو عندها دلوقتي؟. 
_آه.
_خلاص هقفل وأول ما تخلص كلمني أوعى تنسى.
أردف بجرأة:
_أنا مبنساش أي حاجة تخصك يا رو...
قاطعته قائلة:
_نديم والنبي ما تكمل ولا تقول اسمي أنت فضحتني قدام الناس اقفل بقى.
أغلقت الهاتف والبسمة تعلو وجهها وهي تشعر من داخلها أن نديم ظهر بحياتها واقتحم حصون فؤادها لكي يعوضها عن جميع الأيام التي مضت من عمرها، كانت تشعر بالرضا ولأول مرة عن اختيار قلبها الصحيح في من يحب.

                               *******

بدأت صباح تقص ما حدث عليهما بصوت مرتعش و عينين تخجل من النظر في وجهيهما قائلة:
_لما كنت بشتغل في البيت عند حضرتك من أكتر من 25 سنة فاروق بيه كان بيدايقني على طول وكان عايز....
أكملت بتردد قائلة:
_كان عايز يتجوزني في السر، بس أنا موافقتش ووقتها طلبت من حضرتك أن أنا أسيب الشغل واتحججت ان أمي تعبانة ولازم أروح أشوفها وحضرتك وافقت.
استطردت بخجل قائلة:
_وقتها كان محمد عارف كل حاجة بتحصلي من فاروق بيه.
تعجب نديم من إزالتها لأي لقب يسبق أو يعقب اسم والده فهي حين تتلفظ باسم عمه أو جده تضع لهم ألقاب الاحترام ولكنه لم يقاطعها وأكمل استماعه إليها.
أكملت هي قائلة:
_بعد ما سبت الشغل كان محمد بيديني فلوس كل شهر لغاية ما ألاقي شغل جديد وبعد فترة عرف فاروق بيه مكاني وجالي ورجع يلاحقني ويهددني بأهلي وأن هو هيأذيهم لو مسمحتلوش يعمل معايا اللي هو عايزه وأنا خفت...خفت على أهلي، خفت يأذي أمي أو يقول لأبويا حاجة وحشة عليا وأنا أبويا كان عنده القلب.
استطردت ببسمة اشتياق وحنين قائلة وهي تنظر إلى صورة محمد الموضوعة بالإطار:
_اتصلت بمحمد وعرفته كل حاجة وهو ربنا يرحمه مسابنيش وحماني منه بس اضطر ان هو يتجوزني عشان يحميني من أخوه ومن جشعه....
قاطعها نديم قائلا بصدمة:
_يعني بابا اتجوزك من ورا ماما وكان بيخونها معاكي؟!.
أجابته هي مسرعة:
_لأ اوعى تفتكر أن هو كان وحش بالعكس هو كان بيحاول يساعدني وقبل ما يتجوزني أو حتى يقترح ده عليا كان واخد موافقة سهام هانم الأول وهي وافقت عشان يحموني منه وكنا متفقين ان هو هيبقى جواز على الورق وبس.
أكملت بتردد قائلة وهي تفرك كفيها ببعضهما:
_لغاية ما جه فترة كانت سهام هانم ومحمد بيتخانقوا فيها كتير والمشاكل زادت بينهم كان بعد ولادتك بكام شهر ووقتها جوازنا بقى حقيقي مش بس على الورق وبعدها بفترة....أنا عرفت...عرفت أن أنا حامل وقلتله وهو بقى يجيلي على طول وجابلي واحدة تشتغل في البيت وقبل كل ده كان معرف والدتك طبعا وقتها حصل بينهم مشكلة كبيرة بس قدروا يتخطوها.
أكملت بعينين محملتين بالدموع:
_لأنهم كانوا بيحبوا بعض بجد، محمد طول عمره بيحب سهام اللي حصل بينا ده كان غلطة في وقت غضب وبعد كده جبت ياسين ابني وبقى محمد ييجي يطمن عليه كل يوم ويجيبله كل حاجة نفسه فيها.
كان ينظر نديم إليها بأعين متسعة من الصدمة ويوجد داخله أكثر من شعور لا يقدر على فهمه فهل يغضب على والده لأنه تزوج من امرأة أخرى ولأنه أنجب طفل من غير والدته، أم يشعر بالفخر لأن والده لم يقبل بتركها تظلم وقرر حمايتها.
كان سليمان يدور بعينيه في المنزل عله يرى حفيده الذي لم يكن بعلم بوجوده غير الآن.

أكملت هي قائلة بهدوء:
_وبعد فترة سهام هانم ولدت ناردين، وبعد كده بدأت المشاكل بين محمد وفاروق بيه في الشركة لأن فاروق بيه كان عايز يشتغل في صفقات غسيل أموال بس محمد مسمحش بده واتخانقوا وقتها وأفتكر أن محمد قالي...
استطردت وعيناها ممتلئتان بالدموع:
_قالي أن فاروق بيه هدده أنه يقتله لو مسمحهش بده وبعدها بفترة قليلة أسبوعين تقريبا جالي خبر موته هو وسهام هانم في حادثة ومشكوك انها مدبرة وان في حد لاعب في فرامل العربية أنا وقتها كنت متأكدة أن هو فاروق اللي عمل كده بس خفت...خفت أتكلم ابني يتأذى ومن يومها وإحنا عايشين هنا.
أكملت برجاء وهي تمسك يد سليمان بأيد مرتعشة:
_أرجوك يا سليمان بيه متاخودش ابني مني أنا عشت طول عمري عشانه، نضفت بيوت وعملت كل حاجة عشان أربيه وأعلمه، متحرمنيش منه ورحمة محمد.
مسح سليمان بهدوء على ظهرها قائلا:
_متقلقيش أنا عمري ما أحرم أم من ابنها أبدا.
قال نديم متسائلا وعلامات الصدمة تعلو وجهه:
_وابنك بقى يعرف القصة اللي إنتي قلتيها دي؟. 
أجابته بهدوء:
_أنا عرفته كل حاجة عشان ده كان طلب محمد الله يرحمه وهو كان سايبله رسايل مكتوبة، قالي لو ربنا مدالوش عمر يحكيله هو أديله أنا الرسايل دي لما يكبر.
أردف نديم بشك:
_أنا إيه اللي يخليني أصدق كل اللي أنتي بتقوليه ده مش يمكن دي لعبة من عمي وأنا معنديش أخوات ولا حاجة؟.
قالت وهي تنهض:
_أنا هجيبلك الرسايل اللي محمد سابها.
عادت بعد بضع دقائق وهي تضع صندوق خشبي صغير على الطاولة أمامهم قائلة:
_دي الرسايل اللي هو سابها ولو تحب تتأكد في تحليل أكيد أنت تعرفه أكتر مني ولو عايز ترجع تكمل حياتك كأنك معرفتش حاجة براحتك.
قال نديم بهدوء:
_أنا ممكن أخد الصندوق ده؟.
أجابته برفق:
_أكيد يا ابني بس ممكن ترجعهولي تاني عشان ده الحاجة الوحيدة اللي فاضلة لابني من أبوه.
أردف نديم وهو ينهض ممسكا بالصندوق:
_أكيد هرجعهولك.
نهض سليمان بدوره هو الآخر قائلا لها بهدوء:
_ادينا بس كام يوم نستوعب الموضوع ونفهمه وإحنا هنيجي تاني عشان ياسين.
قالت ببسمة صغيرة:
_تشرفوا في أي وقت.
ذهبا من المنزل ويوجد أكثر من شعور بداخل كل منهما، كانت صباح تخاف من ابتعاد ابنها عنها فهي أفنت عمرها لأجله لكي تنشئ شابا صالحا متعلما.
كان نديم ينظر بأوجه جميع الشباب الذين يسيرون بالحي وهو يفكر ماذا إذا كان هذا هو شقيقه؟ وهل فعلا كل هذا حدث بالفعل؟.
كان يشعر سليمان بالفخر لأن ابنه البكر لم يشهد تعرض أحدا للظلم من دون حمايته ولكنه في ذات الوقت يشعر بالأسى على ابنه الآخر، فكيف يمكن لإنسان أن يفعل كل هذه الذنوب ولا يعذبه ضميره عليها، وكان يشعر بالحزن على حفيده الذي نشأ في حي فقير وفي بيت معدم، بينما كان هو يجلس يداعب أحفاده في حديقة قصره بكل أريحية ولكنه أجزم بداخله أنه إن ثبت نسبه وتأكد أنه حفيده سيعوضه عن جميع آلامه وأحزانه.

                                 ******

استقل نديم سيارته وهو ممسك بالصندوق الخشبي ثم قرر الاتصال بروجين، أتاه صوتها قائلة:
_خلصتوا ومشيتوا من عندها؟.
أجابها بصوت يطغي عليه الأسى والحيرة قائلا:
_روجين أنا محتاجلك جنبي.
قالت بقلق:
_نديم حصل إيه؟ أنت فين طيب؟.
_روجين أنا هستناكي في بيتنا تعالي بسرعة.
_حاضر أنا جاية حالا.
أغلقت الهاتف وداخلها يتأكل بسبب شعورها بالقلق فهي لأول مرة تشعر بالحيرة في صوته وكأن بداخله مئات المشاعر المتداخلة التي لا يقدر على تفسيرها أو فهمها.

                                   *******

وصلت رسالة إلى هاتف ناردين تعلمها أن هاتف يوسف تم فتحه فحاولت الاتصال به أكثر من مرة ولكنه لم يجب على هاتفه، كانت تشعر هي بالضعف والعجز، تشعر باشتياقها إلى رائحته، إلى أحضانه، إلى لمساته الناعمة، تشعر بالاشتياق حتى لصمته، فكيف يبتعد هو عنها بمثل هذه البساطة؟.
قررت إرسال رسالة صوتية له فبدأت حديثها بصوت مرتعش وهي تبكي قائلة:
_يوسف أنا مش هلومك ولا هعمل أي حاجة بس ارجعلي عشان خاطري وحياتي عندك....يوسف أنا هفضل طول عمري بحبك والله وعمري ما هلومك على أي حاجة حصلت.
أنهت حديثها وأرسلته والدموع تغرق وجهها ولكنها لم تجد منه رد فأرسلت له آخرا قائلة:
_يوسف أنا عايزاك تعرف أن أنا عمري ما هنساك وهفضل أبعتلك لغاية ما ترجعلي تاني....أنا مش هقدر أنساك ولا هقدر أدخل راجل غيرك قلبي وعمر قلبي ما هيدق لأي حد غيرك أنت يا يوسف.
ثم أعادت جملته التي ذكرها بالخطاب قائلة بصوت متحشرج:
_لم أتعمد أن أحبّك ولكن حبك تعمدني.
وبعدما أرسلته إليه أغلقت هاتفها وجلست تبكي، فكم هي تشتاق إلى وجوده بجانبها، إنها تشتاق إلى شعورها بالأمان وهي بجواره.

                                 *******
Rawan Salama:
كان يستمع يوسف إلى رسائلها الصوتية وهو يبكي بحسرة فكم يظهر صوتها متألما في رسائلها، إنها تبكي الآن وتتعذب وهو السبب في هذا، كان يشعر وكأن هناك خنجر في منتصف قلبه إن أزاله سيؤلمه وإن تركه سيؤلمه أكثر وكأن التقدم مؤلم والتراجع مستحيل ولكن البقاء على ما هو عليه أكثر ألما.
كان ينظر إلى صور زفافهما قائلا بأسى:
_أنا آسف...أنا آسف يا ناردين مقدرتش أوفى بوعدي وأفضل جنبك بس غصب عني، أنا خفت يأذيكي بسببي، أنا كنت بموت في كل لحظة بتتوجعي فيها ولسة بموت وأنا حاسس ان أنا السبب في زعلك وان دموعك تنزل أنا آسف.
استمع إلى صوت رنين هاتفه فكان يزيد هو المتصل، أجابه مسرعا وهو يقول:
_يزيد ناردين عاملة إيه؟. 
أتاه صوته مجيبا باستنكار:
_وهي لو هماك أوي كده سبتها ومشيت ليه؟. 
أجابه بأسى قائلا:
_يزيد والنبي ورحمة نورهان مش وقت عتاب أنا عايز أطمن عليها أقولك أنا هقفل وأكلمك.
أغلق مسرعا قبل سماع جوابه ثم أعاد الاتصال بخاصية الصوت والصورة، أجابه يزيد ولكن سرعان ما ظهرت على وجهه علامات الأسى حينما رأى وجه يوسف حزين وعيناه محملة بالدموع فقال له يوسف برجاء:
_يزيد عشان خاطري وريهالي وأنا مش هتكلم بس متعرفهاش ان أنا على التليفون.
أجابه بقلة حيلة قائلا:
_حاضر يا يوسف.

                               ******

وصلت روجين إلى المنزل ورأت نديم يجلس في حديقة المنزل على العشب ويضع أمامه صندوق خشبي صغير وهو ينظر إليه بتردد ولا يجرؤ على فتحه فذهبت إليه بخطى سريعة ثم جلست قبالته واحتضنته بحنان قائلة:
_نديم احكيلي حصل إيه واهدى.
عدلت من وضعية جلوسها وهي تشير نحو قدمها لكي يضع رأسه عليها، فتمدد نديم واضعا رأسه على قدمها وأخذت هي تتحسس خصلات شعره السوداء قائلة بحنو:
_حبيبي أنت كويس؟
أجابها بانكسار قائلا:
_أنا مش كويس، أنا حاسس ان حياتي كلها عبارة عن لغز وأنا كل يوم بكتشف فيه حاجة جديدة.
_نديم احكيلي حصل إيه.
أخذ يقص عليها جميع ما قالته لهم صباح وصوته يرتعش ويظهر به الأسى، كانت هي تتحسس خصلاته السوداء وتحاول السيطرة على دموعها وهي تشعر بانكساره.
بعدما أنهى حديثه قالت له بهدوء:
_نديم كل حاجة هتتحل أنت مش لوحدك إحنا كلنا جنبك و...
قاطعها وهو يعدل وضعية جلوسه قائلا:
_مفيش حاجة هتتصلح، إيه اللي هيتصلح؟.
أكمل باستنكار قائلا:
_ولا إنتي خايفة تبيني ان أنا صعبان عليكي وان قد إيه إنتي شايفة حياتي صعبة.
أردفت بحنان:
_نديم أنا بحبك واللي بيحب بيزعل لما بيشوف حبيبه زعلان مش بيحس بالشفقة عليه، وأنا هفضل جنبك لغاية ما كل حاجة تتصلح.
قال بانهيار:
_روجين أنا متلخبط ومش عارف إيه الصح، أنا فجأة لقيت عندي أخ وعرفت حاجات مكنتش أتخيل انها تكون حصلت أصلا.
قالت بحنو وهي تجذب الصندوق:
_يبقى إحنا هنبدأ نربط الخيوط مع بعض ونلاقي حل لكل حاجة مع بعض، دلوقتي تعالى نقرأ الرسايل دي عشان نفهم الأول كل حاجة.

                                  *******

طرق يزيد باب غرفة ناردين وهو يمسك بيده الهاتف ثم دخل عندما أذنت له فوجدها تجلس وهي ضامة ركبتيها إلى صدرها ووجهها مبلل بالدموع، وحينما رآها يوسف بهذا الوضع تمنى لو أنه بجانبها لكي يحتضنها ويشم أريج عطرها المفضل لديه.
سألها يزيد قائلا:
_ناردين إنتي كويسة؟.
أجابته بحزن:
_لأ مش كويسة يا يزيد، مش كويسة بسبب أخوك عشان هو جبان مشي وسابني في أكتر وقت أنا محتاجاه فيه جنبي.
أردف بأسى:
_حاولي تفهميه يا ناردين هو كمان كان خايف وأكيد حالته زيك وأكتر كمان.
انتبهت ناردين لإمساك يزيد الهاتف بيده فراودها الشك أن يكون يوسف يستمع إلى حديثهما، فيزيد عادة لا يمسك الهاتف بيده.
قالت ناردين وهي موجهة أنظارها إلى الهاتف:
_تعرف ان هو وحشني أوي يا يزيد ولو رجع هترمي في حضنه من غير ما أعاتبه حتى.
أكملت ببسمة صغيرة قائلة:
_عارف آخر مرة خرجني فين؟ وداني مطعم كبدة غريب أوي اسمه كبدة الكيف، بس تعرف أن دي أحلى كبدة أنا كلتها طول عمري وان أنا عمري ما هنسى أي لحظة عشتها معاه.
قال يزيد بهدوء وهو يمسح دمعاتها:
_متعيطيش يا ناردين، يوسف هيرجعلك هو لما يهدى ويفكر هيرجعلك أكيد.
ثم نهض مبتعدا عنها وخرج من الغرفة فوجد يوسف يبتسم بسمة صغيرة ووجهه مبلل من الدموع فقال له:
_أنا عايز أفهم أنت بتعيط ولا بتضحك وبتضحك ليه أصلا؟.
أجابه يوسف قائلا:
_كنت بعيط وبعدين ضحكت عارف ليه؟ عشان ناردين كانت عارفة ان أنا على التليفون وعارفة ان أنا شايفها وكانت بتبص للتليفون وكأنها شيفاني قدامها.
سأله يزيد قائلا:
_يوسف أنت فين عشان أجيلك؟.
قال يوسف بهدوء:
_سلام بقى يا يزيد عشان متتأخرش على الشغل.
أغلق الهاتف مسرعا لكي لا يستمع الى أي أحاديث أخرى وجلس وهو يتذكر نظرات ناردين إليه وكلماتها وكم هي مشتاقة إليه.

                                  *******

كانت نور تجلس قبالة إياد في مكتبه بالشركة وهي تشعر بداخلها أنها صارت تملك العالم أجمع حين ملكت قلبه وصار مقيدا بعشقها، كان هو ينظر إليها بسعادة ويحلم بزواجه منها الآن قبل انتظار أي لحظة أخرى.
قاطع نظراتهما صوت طرقات مساعدته على باب المكتب ودخولها قائلة بتوتر:
_أستاذ إياد في مشكلة.
أردف متسائلا:
_في إيه؟
أجابته المساعدة بتوتر:
_المترجم اللي كان هيحضر الاجتماع مع حضرتك عمل حادثة وهو جاي في الطريق ومش لاقيين حد يحضر الاجتماع مكانه.
قال إياد بضيق:
_حاولي تدوري على حد وأنا هشوف لو عرفت أجيب حد.
أومأت برأسها وخرجت مسرعة لتجري بعض الاتصالات.
أخرج إياد هاتفه من جيب بنطاله محاولا الحديث مع عدة أشخاص ولكن الجميع اعتذر له.
سألته نور قائلة:
_إياد هو أنت عايزه يترجم لغة إيه؟ أنا أعرف ناس ممكن أكلمهم.
أجابها مسرعا:
_روسي، عايزه يكون بيعرف روسي.
قالت نور بغرور مصطنع:
_طب كنت قول من بدري ده أنا مخترعة الروسي أصلا.
هتف متسائلا باندهاش:
_إنتي بتعرفي روسي؟.
أجابته قائلة:
_آه وممكن أدخل معاك الاجتماع، هو إمتى؟.
_بعد نص ساعة.
_خلاص متقلقش هدخل معاك وأترجملك أنا.
قال بوقاحة:
_نور تعرفي أنا عايز أعمل إيه دلوقتي؟
سألته ببلاهة قائلة:
_نفسك تعمل إيه يعني؟.
أجابها بنفس وقاحته قائلا:
_نفسي أبوسك.
نظرت له باندهاش ممتزج ببعض الخجل قائلة:
_إياد بطل قلة أدب.
قال مازحا:
_لأ من خدك متفهمينيش صح.
أخذت ملف من الملفات الموضوعة أمامها على المكتب وألقته عليه قائلة:
_اتلم بقى.
_إيه ده معندكيش حاجة اسمها حرية التعبير ولا إيه.
_لأ مش موجودة دي.
بدأ هو بالعمل قليلا إلى حين وقت الاجتماع ولكنه كان يسترق إليها بعض النظرات المليئة بالعشق وهو يراقب تعبيرات وجهها وابتسامتها التي جعلته أسيرا بداخل قلبها.

                                  *******

وصل زياد إلى عروس البحر المتوسط وكان يقف أمام منزل سامح وسعد ثم طرق الباب عدة طرقات متتالية قوية بعض الشئ، عندما فتح له سعد باب المنزل نظر إليه زياد نظرة ازدراء ثم دفعه بعيدا عن الباب ليفسح مجال لنفسه لكي يدخل، ثم جلس على كرسي واضعا ساقا فوق الأخرى بغرور قائلا:
_أخوك فين؟.
خرج سامح من غرفة جانبية قائلا:
_مين اللي جه يا سع....
بتر جملته لم يكمل حديثه حين رأى زياد يجلس أمامه وتحسس عنقه بحركة غير مقصودة ثم سأله قائلا:
_أنتو مش عرفتوا مكانها جاي تعمل إيه هنا؟ 
أجابه بثقة قائلا:
_أنا آجي في الوقت اللي يعجبني وأمشي في الوقت اللي يعجبني ولا عندك اعتراض.
قال سعد مسرعا:
_لأ يا باشا تيجي وقت ما تحب بس يعني حضرتك كنت عايز إيه؟
_عايز مفتاح البيت بالعفش اللي كان فيه.
هتف سامح باستنكار:
_ومش عايز عربية كمان.
قال زياد بتحذير مقتضب:
_أسلوبك معايا يتعدل عشان أنا مبحبش أزعل حد.
قال سعد بدوره:
_يا باشا ده حقنا وإحنا رجعناه تاني ولا هتخالف شرع ربنا.
نظر له زياد باستنكار قائلا:
_شرع ربنا، لأ لو هنتكلم في شرع ربنا يبقى البيت ده من حقها هي عشان أنتو ورثتوا نصيبكم وأنا لسه متكلمتش في موضوع الفلوس اللي خدتوها منها ولا تحب أفكرك بيها.
قال سامح بعد تفكير دام بضع لحظات:
_بس إحنا بعنا البيت لو عايزه روح اشتريه.
_ضرب زياد بيده على الطاولة أمامه قائلا بغضب:
_أنت فاكرني عيل صغير يالا أنت وهو هتضحكوا عليه بكلمتين ما أنا عارف اللي فيها وعارف ان البيت متباعش.
أكمل بتحذير قائلا:
_بقولكم إيه أنا مبحبش المماطلة أنا محامي وأقدر ألبسكم دلوقتي 100 قضية وإحنا قاعدين ده غير بقى لو استخدمت كام واسطة يعني هتاخدوا فيها كام سنة سجن حلوين، مفيش عندكم غير اختيارين هتدوني دلوقتي مفتاح البيت وهيرجع يتكتب باسم نارفين تاني أو تتسجنوا وأنا هعرف آخذ البيت برضه.
قال سعد محاولا جعله يتراجع:
_أيوه يا باشا بس أنت كده بتاكل حقنا و...
أجابه باقتضاب قائلا:
_أنا عايز آكل حقكم يا سيدي أنا حر بس طالما أنتو مش موافقين يبقى خليها قانوني بقى.
نهض متوجها إلى باب المنزل فقال سامح بضيق:
_المفتاح أهو يا باشا والعفش في البيت.
أخذه زياد من يده قائلا:
_أهو كده تعجبني وبكرة هنكتب العقد ولو حاولتوا تعملوا أي حاجة أنا هعرف.
ذهب واستقل سيارته وبسمة الرضا تعلو وجهه وهو ممسك بالمفتاح في يده.

                                 ********

بعدما أنهى نديم قراءة الرسائل مع روجين صار بداخله يقين بصدق ما قالته صباح.
نظرت إليه روجين ببسمة لم يتفهم سببها وهي تغلق الصندوق.
سألها قائلا:
_إنتي بتضحكي ليه؟.
أجابته وماتزال البسمة تعلو وجهها:
_عشان اكتشفت النهاردة ان حمايا كان راجل عظيم.
أردف باستنكار:
_ومكانش بيقبل بالظلم للدرجة اللي تخليه يتجوز على مراته عادي.
Rawan Salama:
قالت روجين بحنو:
_نديم أنا عارفة ان الوضع بالنسبة لك صعب بس حاول تشوفه من الناحية الإيجابية باباك مستحملش يتفرج عليها وهي بتتظلم من غير ما يعمل حاجة وهو معملش أي حاجة من ورا مامتك بالعكس هي كانت بتسانده.
أردف نديم بانكسار:
_وهو مغلطش ساعة ما جاب منها ولد...مغلطش لما اتجوزها في السر...مغلطش لما إحنا فضلنا عايشين عمرنا كله منعرفش ان عندنا أخ، وهو متظلمش لما عاش طول عمره بيحسب الفلوس هتكفي معاه لآخر الشهر ولا لأ وإحنا قاعدين مش شايلين هم حاجة....بعد كل ده مغلطش؟. 
قالت روجين وهي تمسك يده برفق:
_يمكن هو غلط فعلا بس كل إنسان خطاء يا نديم مفيش إنسان مبيغلطش بس المهم ان إحنا نسامح والمفروض بدل ما تلومه تدعيله ربنا يرحمه ويغفرله أخطاؤه.
قال متسائلا بحيرة:
_وأنا المفروض أعمل إيه دلوقتي أروح أقول إيه لناردين ولا هتصرف إزاي، المفروض مثلا أروح أخده بالحضن وأقوله ان أنا أخوه؟.
أجابته وهي تحتضنه:
_أول حاجة هنلاقي يوسف عشان مينفعش تقول لناردين حاجة غير بعد ما نلاقيه وعلاقتهم تتصلح...تاني حاجة هتعمل الأول تحليل عشان نتأكد ان هو أخوك...تالت حاجة بقى لو طلع أخوك فعلا أنت وقتها هتروح تاخده بالحضن بجد وتقوله ان أنت أخوه وهتجيبه هو ومامته يعيشوا معانا في البيت.
قبل رأسها بحنو قائلا:
_أنا كل يوم بكتشف ان أنا كنت صح لما قلتلك ان أنتي الشمس اللي نورتلي حياتي.
همست له بحب:
_وأنت الحياة والنفس اللي من غيره هموت، أنت بقيت نفس روجين الهاشمي.

                                *******

كان وِقَّاص يسير ممسكا بيد صبا برفق في حديقة عامة.
سألها قائلا:
_عملتوا إيه في موضوع ديون باباكي؟.
أجابته صبا قائلة:
_متقلقش هنحل الموضوع أنا طلبت سلفة من الشغل وهاخدها بكرة نسد بيها جزء.
قال وِقَّاص بحنو:
_صبا لو احتاجتي أي حاجة عرفيني أنا جوزك مش حد غريب.
أردفت بضيق:
_تاني يا وِقَّاص إحنا مش اتكلمنا في الموضوع ده قبل كده.
_آه تاني وتالت يا صبا عشان إحنا مكتوب كتابنا ومفيهاش حاجة لو ساعدتك بمبلغ صغير.
قالت باقتضاب:
_وأنا مش عايزة مساعدة يا وِقَّاص.
قال بلين:
_خلاص أنتي بتقفشي ليه على طول كده...
قاطع حديثه صوت رنين هاتفه فأجاب قائلا:
_أيوه يا يزيد.
_وِقَّاص أنا عرفت مكان يوسف.
هتف باندهاش:
_طب هو فين وأنت عرفت مكانه إزاي؟.
_لما تيجي البيت هقولك ونروحله بكرة.
_طيب أنا هوصل صبا وآجي سلام.
سألته صبا قائلة:
_حصل إيه؟.
_يزيد عرف مكان يوسف.
_روح أنت أنا همشي شوية وبعد كده هروح.
قال وهو يقبل جبينها:
_ماشي يا حبيبتي لو حصل أي حاجة كلميني.

                                *******

كانت نور تجلس بجانب ألكسندر المستثمر الروسي ويجلس إياد قبالتهما.
قال ألكسندر موجها حديثه إلى نور:
_جمالك مميز للغاية إنه يشبه جمال جميلات مصر من الفراعنة.
ابتسمت نور ابتسامة شكر وحمدت الله من داخلها أن إياد لا يفهم ما يقوله.
سألها إياد بضيق قائلا:
_نور الراجل ده بيقولك إيه أنا مش مرتاحله؟.
أجابته متصنعة البساطة:
_بيقولي ان هو بيحب مصر وبيحب التاريخ الفرعوني.
قال إياد موجها حديثه إلى ألكسندر باللغة الإنجليزية:
_هل يمكنك إخباري بما قلته لها قبل قليل.
أجابه الرجل بلهجة إنجليزية ركيكة:
_قلت لها أن لديها جمال مميز فهي تشبه في جمالها القدماء المصريين.
نظر إليه إياد بنظرة مستنكرة ثم نهض وجذب نور إلى أحضانه قائلا:
_نور تكون خطيبتي ونحن المصريون لا نسمح لأي رجل آخر أن يمدح زوجاتنا أو من نحب.
ثم جذبها برفق وخرج من غرفة الاجتماعات قائلا بصوت مرتفع لمساعدته:
_الغى الشغل كله ومفيش عقود هتتكتب.
حاولت نور إيقافه ولكنه لم يستجب لها ودخل إلى مكتبه ثم أغلق الباب وأوقفها مسندا ظهرها إلى الجدار خلفها و وقف هو مقتربا منها لتشعر بأنفاسه الحارقة على عنقها قائلا وهو يهمس بالقرب من أذنها:
_بيحب مصر وتاريخها الفرعوني صح؟. 
كانت تتجنب هي النظر بداخل عينيه وهي تشعر بالتوتر الشديد.
رفع وجهها برفق قائلا:
_بصي في عينيا وأنا بكلمك...معرفتينيش ليه الحقيقة؟.
أجابته بتلعثم قائلة:
_أصل...أصل أنا لو كنت قلتلك...كنت هتعمل نفس اللي عملته ده.
حاول عدم الابتسام وأكمل بتصنعه للجدية قائلا:
_بس أنا زعلان منك ولازم تصالحيني بقى.
سألته قائلة:
_قولي أعمل إيه وأنا هعملك أي حاجة تطلبها.
سألها بخبث:
_أي حاجة أي حاجة؟
قالت وهي تحاول إبعاده عنها:
_أي حاجة مش قليلة الأدب يا إياد.
ابتعد هو عنها قليلا قائلا:
_طالما كده بقى يبقى نخرج نتعشى مع بعض بكرة.
أردفت مسرعة:
_ماشي هنخرج بس ابعد عني بقى عشان هموت وأنا واقفة هنا.
ابتعد عنها وهو يبتسم، فهو لأول مرة يشعر بكم هذه السعادة بداخل قلبه حتى مع رنا لم يشعر بكل هذا الحب والغرام بداخل قلبه.

                                 *******

قرر فاروق الاتصال بيزيد فأجابه باستنكار قائلا:
_إيه ناوي تنتقم مني أنا كمان.
قال فاروق بحزن:
_يا ابني أنا عملت كل ده عشانك أنت ويوسف.
هتف يزيد بحدة:
_وإحنا مطلبناش منك تعمل كل ده عشان خاطرنا.
قال برجاء:
_يزيد ورحمة نورهان تعالى اسمعني مرة واحدة بس ولو مقتنعتش خلاص.
_متجيبش سيرة نورهان على لسانك تاني.
_طب تعالى يا ابني اسمعني بس وبعد كده مش هتصل بيك تاني ولا هدايقك.
وافق على مضض قائلا:
_حاضر بس دي هتبقى أول وآخر مرة آجي أقابلك فيها ومن بعدها تنسى ان عندك ابن اسمه يزيد.

                                 *******

في المساء عندما عاد نديم بصحبة روجين إلى المنزل وجدا الجميع ملتفين حول بعضهم وهم يتحدثون باستثناء ناردين كانت تجلس في غرفتها ويزيد لم يكن متواجدا بالمنزل، فصعد مع روجين بهدوء إلى غرفتهما.
بعد وقت قليل كان كل منهم يغط في نوم عميق بداخل غرفته.
كان هناك من يدور حول المنزل بالخارج وفجأة تم إشعال النيران ليبدأ منزل عائلة المنزلاوي بالتآكل داخل النيران فكان مظهرها يدب الرعب في القلوب وكأن النار تبتلع المنزل بداخلها ويتحول إلى رماد وكأن نهاية عائلة المنزلاوي حانت في هذه اللحظة.
استيقظ نديم من نومه وهو يسعل بقوة من رائحة الدخان فكانت النيران تحيط بالمنزل من جميع جهاته وكأنها أفاعي تلتف حول أغصان الأشجار الكثيفة، نهض نديم مسرعا وهو يحاول إيقاظ روجين، استيقظت وهي تسعل أيضا فهمس لها قائلا بصوت ضعيف:
_متخافيش هنخرج من هنا.
بلل منشفتين من المرحاض ووضع إحداهما فوق أنفها و الأخرى فوق أنفه لكي تخفف رائحة الدخان قليلا وعندما خرجا من الغرفة قال نديم:
_روجين اخرجي من البيت وأنا هجيبهم وآجي.
قالت وهي متمسكة بذراعه بخوف:
_لأ مش هسيبك لوحدك هنا.
قبل أن يتحدث مرة أخرى طبعت قبلة صغيرة فوق وجنته وكأنها قبلة الوداع، وأخذا يطرقان على جميع الأبواب وصاح هو بصوت مرتفع متحشرج بسبب الدخان:
_في حريقة البيت بيولع اخرجوا كلكوا برا.
استيقظ الجميع فزعين بسبب أصواتهم وبسبب رائحة الدخان الكثيف الذي أخذ يزداد بداخل المنزل وخرج الجميع من غرفهم وبعدما نزل الجميع الى الأسفل وخرجوا خارج المنزل بصعوبة بالغة وهم يحاولون المرور من بين النيران أخذ نديم يبحث بعينيه عن الجميع ولكنه لم يجد ناردين ونارفين ولا حتى جده فدب الرعب بداخل قلبه وقال موجها حديثه إلى إياد:
_أنا هدخل البيت أشوف الباقي، إياد خلي بالك من روجين متخليهاش تدخل البيت.
قبل أن ينتظر سماع إجابة دخل إلى المنزل سريعا وكان يحاول إياد إمساك روجين بإحكام لكي لا تدخل إلى المنزل، ودخل زياد هو الآخر إلى المنزل وراء نديم عندما رآه بالداخل قال نديم بخوف:
_زياد اخرج برا البيت بيولع.
هتف زياد بدوره:
_نديم أنا مش هسيبك لوحدك هنا.
صعدا إلى الدور العلوي وهما يحاولان اجتياز النيران بصعوبة عالية.
في الخارج سقطت روجين أرضا كالجثة الهامدة بسبب استنشاقها الكبير لرائحة الدخان وبسبب تحركاتها الكثيرة لتتمكن من الدخول إلى المنزل فحملها إياد ووضعها بسيارة نديم ثم اتصل بالإسعاف وبفريق الإطفاء وقال لوقاص مشيرا لوالديه:
_وِقَّاص خليك مع بابا وماما وحاول تساعدهم ياخدوا نفسهم أنا هدخل أشوف نديم.
دخل مسرعا إلى المنزل هو الآخر.

                                 *******

كانت تقف ناردين بجوار نارفين بزاوية ما بالمنزل وأمامهما النيران فلم يتمكنا من المرور ثم بدأت ناردين تسعل بشدة وهي تشعر بدوار شديد، حاولت نارفين اسنادها ولكن خارت قواها هي الأخرى لتسقط بجانب ناردين أرضا مغشيا عليهما.
صعد إياد إلى نديم وزياد وهو يشير نحو ناردين ونارفين قائلا بفزع:
_اهم هناك. 
ركض نديم وزياد وتبعهما إياد، حاولا تخطي النيران إلى أن وصلوا إليهما فحمل نديم ناردين وقلبه ينتفض من خوفه عليها، وحمل زياد نارفين بفزع وحاول المرور من بين النيران مسرعا لكي يخرجها من المنزل. 
أخرج نديم ناردين وهو يحاول إبعادها عن النيران وحمايتها ولكن سقطت إحدى أجزاء المنزل فوق ذراعه وهو يبعدها عن النيران، لكنه تجاهل آلامه وأخرجها مسرعا ووضعها على الأرض في الهواء وهو يحاول إفاقتها ثم أخذ يبحث بعينيه عن روجين ولكنه لم يجدها فسأل وِقَّاص بفزع قائلا:
_وِقَّاص روجين فين؟
أجابه قائلا:
_أغمي عليها وإياد حطها في عربيتك.
كان يقف نديم كالتائه بينهم فهو لا يعرف هل يذهب ليرى زوجته ومعشوقته أم يبقى بجانب شقيقته أم يتوجب عليه الدخول ليطمئن على جده وعلى إياد.
حمل ناردين ووضعها في سيارة إياد ثم ذهب مسرعا ليطمئن على روجين فوجدها تنام كالجثة الهامدة بداخل السيارة فطبع قبلة رقيقة على وجهها هامسا بجانب أذنها:

_هرجعلك وأنتي هتبقي كويسة...هتبقي كويسة عشان خاطر قلبي.
عاد مرة أخرى ليدخل إلى المنزل وازداد سعاله فكان يسعل بشدة، لكنه صعد السلم ذاهبا إلى غرفة جده فوجد إياد يحاول الدخول فباب الغرفة صار محاطا بالنيران فذهب إياد مسرعا إلى المرحاض وأغرق ملابسه بالماء ثم دخل مسرعا ورأى جده يقع أرضا وهو يحاول التقاط أنفاسه ولكنه لا يقدر، فأغرق نديم ملابسه هو الآخر بالمياه وحمله على ظهره بصعوبة بالغة وخرج به مسرعا من بين النيران وعندما رآه إياد يواجه صعوبة في حمله و رأى الحرق الذي بيده فحمل هو جده على ظهره وخرجا به من المنزل ولكن ما ان خطت قدما نديم خارج المنزل حتى سقط بينهم كالجثة الهامدة فهو لم يعد قادر على التنفس، وكأن بساط حياته يسحب من تحت قدميه.



يتبع الفصل التالي اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية "رواية شمس الحياة"اضغط على اسم الرواية


reaction:

تعليقات