Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية لن احرركِ الفصل التاسع والثلاثون 39 - دهب عطيه

 رواية لن احرركِ  الفصل التاسع والثلاثون  - دهب عطيه

رواية لن احرركِ الفصل التاسع والثلاثون

بعد مرور ساعتين....

أخبر (وجيه) عدة معلومات عن مكان تلك الرجال الثلاثة واهمها وجود زوجته في احد البيوت المهجورة على طريق الصحراوي.....

أنزل جواد الهاتف من على فمه وهو يسب ويلعن...
"يابن الكلب..."

نظر له عيسى الذي كان يجلس بجواره في سيارة باستفهام...
"اي ياجواد وصلت لحاجه...."

"رامي التهامي هو اللي خطف بسمة...." انطلق بسيارة فور أخبر رفيقه بتلك الأخبار المستجدة......

برزة عروق وجهه أكثر وهو ينظر أمامه بغضب بدأت النيران تطفو من تلك الأعين القاتمة.....

سيقتله لا بل سيذيقه أشد العذاب قبل ان يتخلص من قذارته كيف يتجرأ هذا الوغد ويختطف زوجته
هل جُن هذا الأحمق....

"آآه ياشمام يابن الـ***..." تفوه بخفوت وهو يطبق على أسنانه مشدد سرعة السيارة أكثر...

لم ينطق عيسى فهو يعلم ان صديقه في حالة لا تسمح الا بصمت والمراقبة حتى يصلون الى وجهةً
مُعينه....

تحدث عيسى فور تذكره شيءٍ مهم...
"جواد لو مش ناوي تبلغ الحكومه يبقى لازم تفتش في العربية وتخرج جهاز التتبع اللي حطه ليك صاحبك الظابط ده....لحسان.. "

"مفيش وقت...خليه يجي كده كدا هيجي متأخر كالعادة...."رد بصوتٍ مبهماً وهو ينظر أمامه بوجه صخريّ.....

على الناحية الأخرى.....

فتحت بسمة عينيها بعدما تخلص جسدها من آثر هذا المخدر الذي حقنة به....

تشعر ان جسدها ثقيل لا بل رأسها صعب تحريكها نهضت بتكاسل تتفقد المكان باعين مذعورة...

وجدت( رامي) طأح على الأرض الصلبة في سبات عميق آثار ما تجرعه بكثرة من شراب الخمر ....

تطلعت على جدران الغرفة الأربعة بارتباك فهي تود ان تلوذ بالفرار قبل ان يستيقظ هذا الوغد ويكمل مابدأه معها فهي لن تصمد كثيراً أمامه فمهم قوامته
ستظل ذو الجسد الهزيل أمامه...

رأت في الغرفة نافذة صغيرة لكنها بالطبع كافية لاخراج جسدها....

نهضت من على الفراش ببطء وخطت بتمهل فأنا سمعها ذوى الوجوه الاجرامية الماكثون خلف الباب
بالطبع سيفسدون عليها فرصة الهرب....

وقفت امام النافذة المُغلقة وبدأت تتفقد هذا الطاح بجوارها بخوف.....

مدت يدها نحو المقبض وفتحته ببطء قاتل لروحها فانا اسرعت سيخرج صوتٍ مُنذر لجميع من حولها...

بلعت مابحلقها بصعوبة وهي ترى باب النافذة الصغيرة يفتح معها...أبتسمت بأمل وهي تشرب بعنقها أكثر لنظر لخارجه لفرق علوها عليها ....

من حسن الحظ انها في غرفة من الدور الارضي
لكن سوء الحظ ان المكان مهجور وهذا الرصيف
الذي تمر من عليه السيارات تسير بسرعة عالية لا تلتفت لأحد ،أصبح من الصعب طلب الاستغاثه
من أحداً ! وجدت أيضاً من يقف مقابل من النافذة لكنه يوليها ظهره وبينهم مسافة ليست هينة...

شهقت بفزع وتيبس جسدها وهي تجد من يطبق على خصرها واضع ثقل جسده بأكمله على ظهرها
ورائحة الخمر تفوح من فمه الذي هتف بجوار اذنيها بثمل....
"راح فين يابسمتي مفيش هنا خروج غير بعد ماخد اللي انا عايزة منك...."

النفور سيطر على سائر جسدها دفعته بقوة بعيداً عنها ليقع هو بجسده الخائر على الفراش بتعب لكنه صرخ بصوتٍ مُثمل ينادي رجاله بعدما وجد بسمة تقذف سريعاً من النافذة وبدون ان تفكر في مخاطر ما تفعله...

"ياكلاب...بتهرب ياكلاب...... بتهرب...."

دلف الجميع الى الغرفة ومن ضمنهم هذا الرجال الذي كان يراقب المكان من الخارج....

صرخ أحدهم بتسأل...
"في إيه ياباشا........ الله هي البت فين..."

نهض بغضب عارم وهو يتخطاهم باستهجان..
"البت نطت من الشباك....دوره عليها ياشوية عرر بدل مانتوا وقفين تسالوني....."

خارج البيت المهجور.....

كانت تركض بلا أهداف...تشعر ان قلبها على وشك التوقف من شدة الارتعاد تنظر خلفها تارة وبجوارها تارةٍ آخره....

لا تعلم هل ستنجح في الهروب منهم وهل ستجد من يساعدها اما انها ستفشل مثل السابق...

لن تستسلم وعدته ان تحافظ على حياتها لأجله لن تدعهم يقتلوه ذلاً بسببها لن تسمح ان تبقى هنا كالخائبة مُنتظرة من ينجدها من يد هذا المختال ورجاله ستحاول وتحاول لأخر نفس في حياتها...

القوة ليست قوةً جسمانية بل ان القوة اصرار وعزيمة ان فقدتهم فأنت ضعيف في مواجهة
مخَوفك !....

وجدت من يصرخ عليها وهو يركض خلفها بقوة...
"اقفي عندك.... هضرب عليكي نار اقفي بقولك.."

صرخ باصرار وهو يشهر سلاحه نحوها...

لم تنصت له بل ظلت تركض على أمل ان تجد من ينقذها من بين براثن الاوغاد....

توقف الرجل بتعب وهو يأخذ أنفاسه بصعوبة ليصرخ مرة اخرة بضراوة...
"هعد لحد تلاته لو موقفتيش هضرب عليكي نار...."

لم تستمع له بل كانت اعند من ان تلتفت لهذا الأحمق
فهي ظنت انه مجرد تهديد لايقافها فهو لن يقدر على فعلها...

صرخ الرجل عن بعد منها وهو يشهر سلاحه نحوها ...
"واحد.... إتنين..... تلاتة...."

اخترق صوت الرصاصة سائر حواسها ، تيبس جسدها وهي ترتجف بصدمة لم تقدر على الاكمال فتلك الرصاصة مرت بجوارها بمنتهى السرعة جعلت قدميها تثبط في الأرض بخوف.....

أبتسم الرجل بنصر وهو يسير قاطع المسافة ليقف أمامها بمكر وهو يقول ببرود....
"شاطره.... طلعتي بتخافي على حياتك زينا....." مسكها من ذراعها وسحبها معه بقوة تلك المرة سارت بوجه صخري فهي حقاً تشعر باليأس من الخروج من هذا القبو كما تراه.....

القاها الرجل بقوة على الفراش وهو ينظر لرب عمله بغضب....
"البت عندك اهيه.... وأحنا كل اللي فاضلنا هنا ساعه كمان ونمشي وكده يكون اتفقنا خلص..."نظر نحو جسد بسمة بخبث...." تحب تخلص انتَ معاها ولا نخلص انا ورجاله بطرقتنا..."

ابتسم رامي بدنئه وهو يقول بخبث ناظراً نحو بسمة...
"كل واحد هياخد دوره...بس أخلص انا الأول...."

ارتجف جسدها بقوة وهي تنظر نحو هذا الخسيس الذي ادعى يوماً أمامها الحب ، حمدًا لله انها لم تصدقه ونفر قلبها منه ! فأنا كان حدث عكس هذا ستصيب باللعنة الندم طيلة حياتها....

أبتسما الثلاثة الرجال لبعضهم بمكر وقال أحدهم
بوقاحة...
"احتفال جماعي يعني ...."

بلعت بسمة ريقها وهي تذرف الدموع فمن الواضح انها أصبحت في الجحيم الآن ولا مفر منه !...

خرج الرجال الثلاثة مُغلقين الباب خلفهم...

تقدم رامي بنظرات شهوانية من بسمة التي زحفت
لأخر الفراش وهي تهتف بتحذير نحوه....
"إياك تقرب مني..... أقسم بالله هقتلك لو فكرت تمد إيدك الزباله دي عليه... ااااااه..."

صرخت عندما وجدته يسحبها من اقدامها للأمام مُنقض عليها بثقل جسده محاول تقبيله عنوة عنها...

صرخت وهي تحاول دفعه بعيداً عنها...
"أبعد عني... أبعد عني حرام عليك...... جـــواد...." صرخت بأسم زوجها مُستغيثه به لعله يأتي وينقذها من كارثة على وشك الحدوث !...
___________________________________
أوقف السيارة بعيداً عن المنزل المهجور وترجل من السيارة بسرعة وحرس ممسك سلاحه بين يداه يرافقه عيسى بسلاحٍ أيضاً....

وقف جواد خلف جدار المنزل من الجانب وهو يحدج
في المكان من الإمام وجد رجلاً يقف أمام باب البيت
يراقب المكان من حوله....

أشار جواد لعيسى بعينيه ليفهم الآخر ما يريد...

خرج عيسى امام الرجل وهو يقول بمزاح....
"صاحبي وابن حطتي ازيك يافتوح...." سلم على الرجل بحراره توسعت عيني الآخر بصدمة وهو
يقول ببلاها...
"فتوح مين يأخ... انا أسمي سيد..."

ضحك عيسى وهو يمسك وجنتي الرجل بين اصابعه قائلاً بسخافة....
"سيد ياسيد... تصدق وشك مش راكب عليه فتوح خالص...."

احتقن وجه الرجل بحدة بعدما أدرك انه غريب عليه
شهر الرجل سلاحه امام عيسى وهو يقول بحنق..
"انتَ مين بظبط وعايز إيه...."

وجد من يطلق صفير من خلفه استدار ناحية الصوت ليجد (جواد) يلقي عليه بمنتهى المهارة سكين حاد
غرس في صدره بمنتهى الاحترافية....

وقع الرجل أرضاً وهو يلتقط أنفاسه الاخيرة بصعوبة...

هتف عيسى بسخط وهو يحدج به ....
"مقولتلك فتوح انتَ اللي مصمم على سيد أشرب بقه ياسيد...."

تقدم منه جواد وغرس السكين اكثر في صدره وهو يقول بضراوة....
"انطق في كام واحد جواه...."

كان يحاول الرجل الحديث لكنه كان ينازع الموت...

"انطق بقولك..." صرخ جواد به بقسوة...

رفع الرجل يده مُشير الى إثنين باصابعه قبل ان تقع يداه ويلقى مقتله في الحال...

"خليك هنا ياعيسى...." قالها جواد وهو ينزع السكينة من صدر الرجل فمن المؤكد انه سيحتاج لها دلف وهو يمسك بين يده سلاحه أيضاً... هتف عيسى لرفيقه باعتراض....
"لا انا جاي معاك..."

دلف الى الداخل ليجد صراخات( بسمة) ولفظها لاسمه عدة مرات وصوت هذا الحقير الذي يسبها
بافزاع الشتائم....

تشنج جسده وهو ينقض على الرجلين الواقفين خلف الباب يبتسمان بدنئة لم يحدث بداخل....

اندلعت نيران غضبه عليهم ليترك سلاحه ارضاً ويخرج كل ما يعتريه على اجسادهم بعدة لكمات وضربات عنيفة، وانضم له سريعاً عيسى...

على الناحية الأخرى...

كانت بسمة تقاوم هذا الوغد بكل قوتها وتحاول ابعاده عنها باشد الطرق مزق ثوبها من ناحية
الصدر وحاول تقبيلها الا أنها وضعت يداها
على عينيه متكأه عليها بكل قوتها ليصرخ
الآخر بتالم.....

سمعت ضجيج وشجار خلف هذا الباب المُغلق عليها لم تمر الثواني حتى وجدت جواد وعيسى يدلفون
إليها....

سحب جواد بقوة وعنف (رامي) ليسدد له عدة لكمات وضربات في معدته وفي رجولته كذالك مصمم ان يضيف اضعاف الألم قبل ان يقتله بكلتا يداه....

كيف يجرأ هذا الوغد على العب معه بكل تلك الدنئة
(زوجته)؟ اي انتقام هذا الذي يضع فيه رجلاً مثله أمرأه متزوجة مُستغل ضعفها لاخراج رجولته عليها رجولة اتت له بالخطأ !....

طاح رامي على الأرض وهو يسيل من وجهه الدماء بكثرة فحتى ملامحه أصبح صعب التحقق منها الآن....

مال عليه جواد بانفاس متسرعة وهو يقول بغضب هائل....
"هموتك يابن عزيز موتك على ايدي...." سحب السلاح من عيسى الواقف يتابع المشهد بصمت...

شهر جواد السلاح أمام وجه (رامي) الذي نظر له بخوف وجسده بدأ يرتجف برعب....

صرخت بسمة وهي تحاول النهوض ململه بيداها ثوبها من عند فتحت الصدر الذي مزقها لها هذا الوغد....

"جواد عشان خاطري بلاش تقتله.... ميستهلش إنك توسخ إيدك عشانه...."

نظر نحوها ليجدها في حالة مُزريه.... ملابسها ممزقه من عند الصدر وتحاول لمها بيداها المرتجفة ذراعها
ظاهر من تلك الفتحة التي انشقت بسب همجية هذا الحقير عليها....

اشتدت عروقه وبرزة وهو يخلع سترته مخفي بها جسد زوجته مُحاوط منكبيها بيده القوية ليرمق
(رامي) باحتقار....
"كدا كده انتَ ميت..... البوليس جاي يلمك أنت ولي معاك....."

ترك زوجته واقترب من رامي الذي ينزف الدماء من فمه وانفه.....مال عليه وهو يقول بجمود...
"نتقبل في جهنم... يابن التهامي..." ضربه بظهر السلاح على رأسه ليفقد الآخر الوعي سريعاً القى السلاح بجواره ونهض وهو يمد يده جاذب زوجته الى احضانه....
"انتي كويسه...." همهمت وهي تختنق بالعبرات الحزينة لتذرف عسليتاها الدموع وهي تقول...
"لو كنت اتاخرت شويه كُنت اا...." تعالت شهقاتها
وهي تتخيل ما كان سيحدث لها ان تأخر قليلاً عنها ...

ربت عليها بحنان وهو يشدد على احضانها أكثر
قائلاً بندم....
"انا آسف يابسمة.... انا السبب في كل اللي حصلك ده....."

لم ترد عليه بل ظلت في احضانه لفترة تبكي بصمت وهو يربت على ظهرها بحنان....
"خلاص يافرولتي عشان خطري كفاية عياط ..."

تطلع عيسى عليهم بحرج لكنه حاول ان يلطف
الجو المشحون بالحزن قائلاً..
"هو انتوا ممكن تكمله كلامكم في البيت مراعيه لظروف واحد معرفش كلبه لحد دلوقت...."

خرجت بسمة من أحضان جواد بحرج وهي ترمق عيسى بابتسامة خجوله....
"عيسى صح...."

"هو انا اتنسي برده مكنش العشم يامرات أخوي... على العموم آآه عيسى اللي نجدك قبل كده من الموت فكره...."

أبتسم جواد وهو يحاوط خصر زوجته قائلاً ببرود لعيسى...
"انتَ بتعرفني يعني ان ليك عليه جميل...."

"مش محتاج اعرفك انا كده كدا جمايلي مغرقك...."

تقوس فم جواد بستهجان...
"نبقى نشوف الموضوع دا بعدين...." ثم نظر نحو بسمة بحنو....
"يلا بينا ياحبيبتي...." بدلته النظره بإبتسامة مرهقة وهي تومأ له باستحسان.... سارت بجواره وعيسى خرج امامهم....

قبل ان يخرج جواد برفقة بسمة من باب الغرفة وجد
من يهتف بمنتهى الضراوة إليه....
"على فين يابن الغمري لسه حسابي معاك مخلصش...."

ألتفت جواد للخلف هو وبسمة ليجد رامي يقف أمامهم بوجه يقطر منه الدماء وعلى محياه إبتسامة
مريضة وبين يداه سلاح (جواد)الذي ألقاه بجواره باهمال ....
"في حساب مبينا ولسه مخلصش...وبعدين ان لازم ابعتك جهنم قبلي ..."

توسعت عيني بسمة بصدمة وهي تجد رامي يتكأ على الزناد سريعاً لتكن هي في أقل من ثانية امام جواد تخترق الرصاص صدرها بدلاً منه....

سريعاً وجد رامي مقتله بسبب رصاصه مبهمه اخترقت رأسه من خلال نافذة الغرفة....

لم يركز جواد في اي شيءٍ يحدث حوله فهو مثبت عينيه على من وقعت في احضانه تسيل الدماء من
صدرها ببطء....

هتف بصعوبة وعدم تصديق من ماحدث الآن لتوه أمام عينيه.....
"بسمة.........بـ سـ مـة......."

نزلت دموعها من شدة الألم ولم تقدر على الرد عليه بل اغمضت عينيها ببطء مستسلمة لتلك البقعة السوداء تاركه له إبتسامة حزينة....

رفع يده المُرتجفة لاول مره من شدة الخوف من فقدانها ، تفقد بيده عنقها ليجد هناك نبض لكن بطيء
لم يكن بسرعة العادية.... حملها سريعاً على ذراعه متجه بها نحو سيارته....

وجد رجال الشرطة في الخارج واسر معهم...علم ان آسر هو من أطلق الرصاصة على راس رامي من الخارج !....

ليته فعل هو ولم يستمع لها سيخسرها بسبب هذا الوغد الذي كان يستحق الموت على يداه هو قبل ان يمسس زوجته بسوءً !....

وضعها في سيارة من الخلف وهو يهتف بوجه
متعرق خوفاً وقلقاً عليها...
"استحملي يابسمة...... استحملي عشان خاطري..."

ضرب السيارة بقوة قبل ان يولج لداخلها لحقه عيسى سريعاً وهو يقول باملٍ لرفيقه ...
"هتكون بخير....الرب معاها...."قالها وهو ينظر امامه انطلق جواد بسيارتة وبدأ عيسى بدعاء لها طوال الطريق....

ركض اسر عليهم لكنه لم يلحقهم فقد أنطلقت السيارة سريعاً....

غرز أصابعه في شعره بقوة وهو ينظر الى اثارهم بحزن....
___________________________________
تنهد بقوة وهو يقف امام غرفة العمليات ينظر نحو الباب المغلق بخوف ينتظر مسار حياته...فمن تنازع الموت هي كل حياته...هل ستنتهي قصتهم عند تلك النقطة وتترك له ذكرى وترحل؟ ام ان الله سيرأف به وسيمد بعمرها لأجل حبهم الذي برغم من وجوده بينهم الا انهُ مزال لم يعرف طريق النور ولا حتى السعادة الدائمه ، كلما أقترب منها واقتربت منه كلما وضعت الظروف حاجز زجاجي بينهم يرون بعضهم يشعرون باوجاع بعضهم لكنهم غير قادرين على مواساة بعضهم لبعض بسبب هذا الحاجز اللعين
ان اخترقه أحدهم فمن المؤكد انهُ سيصيب الآخر
بالاذى والجروح العميقة !....

تلك هي القصة عشق غير مُكتمل !... لكنه دوماً يحارب لأجل هذا الاكتمال ...

أتت عليه اسيل بدموع وهي تهتف بخوف وحزن
"مالها بسمة يابيه...مالها اي اللي حصلها..."تعالت شهقاتها وسط اسئلتها....وقف بجوارها سيف الذي كان يرافقها حينما علم الخبر من شقيقه...
"أهدي يأسيل ان شاء الله خير..."ربت على كتف زوجته بحنان...ليرمق شقيقه بهدوء...
"قولي ياجواد..هي لسه في اوضة العمليات..."

أومأ له بوجه صخري ولم ينطق بشيئاً آخر...

كان عيسى يتابع الموقف وهو يستند على الحائط
بظهره ناظراً لصديقه بحزن من كل تلك الأحداث
التي تتسارع عليه بدون هوادة !...

خرج الطبيب في تلك الاوقات وهو ينزع الكمامة من على وجهه....

"طمني يادكتور....بسمة عامله اي دلوقتي..."تقدم منه جواد بلهفة واضحة...

أجابه الطبيب بمنتهى العملية...
"الحمدلله العملية نجحت وقدرنا نخرج الرصاصه من جسمها قبل متسبب اي مضاعفات عندها....هي هتتحط تحت المتابعة لمدة تمانيه وأربعين ساعة ولو الحالة استقرت ان شآء الله هننقلها غرفة عادية اطمنه جت سليمه الحمدلله..."ابتسم لهم الطبيب بلطف ليبث لجميع الواقفين أمامه الطمأنينة قبل ان يتخطاهم ويذهب....

"نشكر الرب......"قالها عيسى وهو يربت على ذراع صديقه....

تهلل وجه اسيل بسعادة وهي تلقي نفسها باحضان سيف هاتفه بفرح وشكر....
"الحمدلله...يارب...الحمدلله....بسمة بقت كويسه ياسيف بقت كويسه....... "

ضمها سيف الى احضانه أكثر وهو يقول بحنو...
"الحمدلله ياحبيبتي...ربنا كبير...."

تركهم جواد وسار نحو ممرٍ ما ليدلف سريعاً الى المرحاض فاتح صنبور الماء ووضع رأسه تحتها بقوة
تدفق الماء البارد فوق رأسه بقوة....

أراد ان يرطم الماء رأسه ويشعر بشيءً اخر غير النيران التي تلتهم رأسه بدون هوادة...انسابت
دموعه مع الماء الجاري لم يصدق انه يعشقها بكل هذا الجنون ولم يصدق انه قارب على فقدانها...

قد اعطاها الله فرصة للبدأ من جديد ان لم يستغلها الان فلن تاتي مرة أخرى.....

أغلق صنبور الماء وهو يجفف وجهه بتلك المناشف القطنية....

خرج بوجهاً مبهماً وهو يتقدم من شقيقه قال بصلابة...
"خليك انتَ واسيل مع بسمة...لحد مرجع..."

"رايح فين ياجواد...."مسكه سيف من يده بتساؤل...

حرك سبابته على أنفه وهو يجيبه بهدوء مُريب...
"بعدين هتعرف ياسيف المهم تخليكم جمب بسمة دلوقت لحد مرجع من مشواري...."

أشار لي عيسى بيداه تقدم منه وسار بجواره وهو يقول باستفهام...
"هنروح فين ؟..."أجابه جواد بريبه...
"مشوار كان لازم اعمله من زمان...وجه وقته...."

نظرت اسيل نحو جواد وصديقة وهم يستلقون المصعد امام اعينها....ألتفت نحو سيف وهي تساله
بأستغراب...
"هو جواد رايح فين....وسيب بسمة بشكل ده..."تحدثت بحنق من أبن خالها...
برم سيف شفتيه بحيرة.....
"وللهِ ما عارف مشوار إيه إللي أهم من اللي إحنا
فيه...."
______________________________________
بعد مرور يومين...

استقرت حالة بسمة واستعادت وعيها سريعاً وفي خلال تلك الأيام أنقلبت بعد الاحداث حول الجميع...

فتحت عينيها ببطء ومزالت تشعر بذات الوجع عند موضع قفصها الصدري....بللت شفتيها وهي تحاول التاقلم على الاضاءه من حولها....وضحت الرؤية أكثر
أمامها تمكث في غرفة بيضاء كئيبةً تتوسد بظهرها
سرير المشفى....

هل تمسكت روحها بطوق النجاه لأجله !...

وجدت يد دافئة تحاوط يدها الموضوعه بجوارها على الفراش ألتفتت نحوه ببطء لتجده يمسك يدها بين يداه ويقبلها بتمهل وتأني قائلاً بعدها بتلك البحة الخاصة التي كادت ان تفقد سماعها للأبد...
"حمدال على سلامة يافرولتي...."

مد يده ومررها على شعرها بحنان ليميل بشفتيه مُقبل مقدمة رأسها بحنو...

ابتعد عنها وهو يحدج بها باشتياق فهو كادَ ان يفقدها لولا فضل الله عليه !....

إبتسمت له بنعومة وهي تطلع عليه بحب...
"انتَ كويس ياجواد...."

أخرج زفير عالٍ وهو ينظر لها بعتاب...
"كويس ازاي وانا شايفك بشكل ده....هو دا الوعد يابسمة بترمي نفسك ادامي...عامله فيها بطل حضرتك..."

توسعت بسمتها وهي تقول بمشاكسة...
"مانا فعلاً بطل ولا انتَ عندك شك في كده ...."

مرر يده على وجنتيها وهو يتنهد بتعب ثم قال بحنان...
"أحلى بطل...يفوت في الحديد امال انا اتجوزتك ليه...عشان انتَ بطل...."

ضحكت وهي تنظر الى سقف الغرفة بتردد وثم سألته بهدوء ....
"انتَ قتلته...."

"ياريت....بس اسر عاملها..."تحدث بحنق...

عادت برأسها نحوه سريعاً وهي تقول بدهشه.
"اسر....هو اي اللي جابه معاكم...."

"لا دا موضوع يطول شرحه...المهم انتي مش ناويه تقومي بقه عشان نكمل موضوعنا...."مرر ابهامه على خطوط شفتيها بخبث...

هتفت هي بمكر...
"موضوع إيه....مش فكره...."
قرب وجهه من وجهها وداعب أنفه بخاصتها وهو يقول بوقاحة لذيذة...
"موضوع الوحمه هو انا مش لازم اطمن عليها بعد العملية ولا إيه..."

عضت على شفتيها وهي تغمض عينيها باستمتاع...
من قربه وانفاسه منه ، هتفت بدلال...
"جواد بطل قلة ادب إحنا في المستشفى....."

"واي يعني ياعيون جواد... طب دي حلوتها في المستشفى...."

قطع الحظات المتأججة داخلهم دخول اسيل بصحبة زوجها الى الغرفة برفقتهم الجدة (أنعام) التي يبدو عليها الحزن والحسرة على ما مر عليها في خلال تلك الأيام .....

"بسمة حمدال على سلامتك خدتيني عليكي اوي..." قبلتها اسيل من قمة رأسها وهي تذرف الدموع مرة آخره....

ربت سيف على منكبي زوجته بحنان...
"خلاص بقه يأسيل مابسمة بقت كويسه الحمدلله..." نظر نحو بسمة وهو يقول بحنان...
"حمدال على سلامتك يامرات أخويه..."
ردت على سيف بهدوء...
"الله يسلمك ياسيف..." نظرت لصديقتها بعتاب.. "كفاية عياط بقه يأسيل انا وللهِ بقيت كويسه...."

أقتربت منها أنعام وهي تقول بصوت متحشرج...
"حمدال على سلامتك يابسمة يابنتي.. ربنا يكمل شفاكي على خير...."

لمحة بسمة في عينيها الحزن ودموع كذلك...
"الله يسلمك ياماما.... هو في حاجه حصلت شكلك كُنتي بتعيطي..."

اسبلت أنعام عينيها وهي تربت على ذراعها قبل ان تخرج من الغرفة تاركه الجميع في حالة من الصمت المُريب....

نظرت بسمة نحو جواد وهي تساله بريبه
"جواد في إيه انتوا مخبين عليه حآجه...."

انتصب في وقفته وهو يمسد على شعرها ببطء قائلاً بحنو ..
"مفيش حاجه مهمه يابسمة خدي انتي بس بالك من نفسك ..... انا هخرج أشرب سجارة برا وجاي....
شويه وراجع... "

ترك الغرفة واغلق الباب..... ليدلف بعدها عائلة أمجد
للاطمئنان على( بسمة) بعدما علمه بحالته البارحة من (جواد)...
____________________________________
كان يسير الخروج من المشفى لنفث بعض السجائر
لعله يكبح بها مايعتريه فما حدث حدث وانتهى الامر بنسبه له لكن بنسبة لاسم العائلة وعملهم واسهم الشركة التي ستنخفض وسيخسرون الكثير من العملاء المهمين لهم بسبب ما مس اسم (الغمري)
لن يمر الامر مرور الكرام وهو يعلم ذلك جيداً ...

لكن أليس هذا هينًا بدلاً من ان يفقد زوجته والباقي من حياته في هذا العمل المشبوه ! كل شيءً سيُعوض لكن سكون حياته ومسارها الطبيعي في الأيام القادمة لن يعوض أبداً !...

قبل يومين...

تنهد جواد قبل ان يمد يده لاسر لاعطاء تلك الملفات المهمه التي تحتوي على عدة أوراق
لصفقات مشبوهة تمس بعض رجال الأعمال التي
يطلق عليهم صفوة المجتمع....

"الاورق دي فيها كل الصفقات المشبوهة... وعلى فكره فيها أسماء كتير عندها حصانه..."

دقق بها اسر بتركيز وهو يرد على صديقه بنزق..
"مفيش حد فوق القانون... وبعدين الورق ده يوصلهم لحبل المشنقة...." صمت قليلاً ليسأل
جواد بتردد...
"في ورق من دول عليه أسمك..."

هز رأسه بنفي...

كادَ عيسى الجالس بجوار جواد ان يحكي عن هذا الملف الذي يحمل اسم رفيقه ... لكن جواد نكزة بتحذير فمهما حدث سيظل (اسر)بنسبه لهم ضابط شرطى...

نظر جواد نحو اسر وهو يقول بجدية...
"مش عايز حد يعرف ان انا إللي سلمتلك الورق
ده ..."

رفع اسر عينيه عليه بعدم فهم....
"ليه المفروض تبقى شاهد ملك عشان القضـ..."

"مش لازم اكون شاهد ملك لأني كدا كده برا القضية كلها....

أكمل بتوضيح أكثر...
" اسمعني كويس يأسر.. عالم المافيا عالم كبير وكل واحد بيمسك جزء معين من الشغل المشبوه ده وبيديره بطرقته (زهران الغمري) هو اللي بيدير
الشغل هنا في البلد ومعاه كل الصلحيات لده وبياخد كل المعلومات من برا يعني من ناس
اديها طايله لدرجه انتَ متصورهاش... لو عرفه ان شغلهم هنا باظ بسببي اول حد هيتأدي هم اهل بيتي وأكيد انا بعد كده..... لكن لو بلغت رئيسك
ان الورق جالك على البيت من فاعل خير أكيد
الموضوع هيبقى أسهل من ان أسمي يضاف في قضية زي دي إني شاهد ملك مثلاً !...."

نظر له اسر بدهشه وهو يقول بذهول...
"يعني لو كانت بسمة سلمتني الورق اللي انا عايزه وضاف في محضر القضية إنك شاهد ملك كان ممكن ينتقمه منك...."

رد جواد بصلابة ويقين...
"واي حد لي صلة بعيلة الغمري!... الغدر عندهم علاجه القتل..."

بلع اسر ريقه بصعوبة فهو لم يظن ان تكون تلك القضية لها عدة فروع اصلب من ان يتم بترها باليدي !...

في اليوم الثاني في مكتب زهران...

ارتعد زهران وهو يمسك هاتفه...
"يعني إيه اتقبض عليهم...إزاي حصل ده...أكيد لعبه من العاب عزيز التهامي عايز يتخلص مني..."

رد الطرف الآخر بحدة..
"عزيز التهامي اتقبض عليه من نص ساعة ودور عليك انتَ يازهران....قولي مين ممكن يغدر بيك بشكل ده ومين معاه أورق الصفقات غيرك..."

تذكر زهران تهديد جواد ليدرك سريعاً انهُ هو من فعلها به.....

هتف الطرف الآخر باللهجة العربية بصعوبة ...
"قولي زهران مين عمالها وأحنا هنخلص عليه انتَ عارف مين عمالها وساكت..."

لأول مرة يتحرك قلبه الصلب ويخشى على جواد وعائلته من مخالب أحدهم صمت قليلاً ليهتف بعدها بتشتت...
"مش عارف.... مش عارف مين اللي ممكن يعمل كده فيه..."

رد الطرف الآخر ببرود...
"على كيفك زهران...بس اسمعني كويس كده الشغل اللي مبينا خلص ولو فكرت تجيب سيرتنا
انتَ عارف هيحصلك إيه... تمام زهران ولا تحب تتأكد بنفسك...."

رد زهران بصوت مُستاءاً...
"متقلقش ياخواجه..... انا معرفش حد منكم..."

"برافو زهران....." أغلق الآخر الخط في وجهه لتنتهي القصة بنسبة لهم فهم على يقين ان لأحد
يعلم عنهم شيء إلا زهران فكل من تم القبض عليهم يكن التعامل معهم عبر طريق زهران والتعامل الأساسي يكن بينهم وبينه لذلك
فهذا التحذير حاسماً إليه قبل ان تنتهي تلك
القصة معه !...

وضع وجهه بين راحتي يداه وهو يبكي خوفاً من القادم وندماً على ما اقترافته يداه في حق شقيقه
وعائلته التي سقطت على الارض كشذرات متفرقه
صعب جمعها ! ولم يكتفي بهذا فقط بل أصأب الابن الأكبر بأشد الأذى حينما حرمه من مستقبله وهدم حلمه وجعل يداه تتلوث بدماء الآخرين قد أذنب ذنب أبشع من ان يطلب المغفرة عليه....

نزلت دموعه وهو يهتف بندم...
"سامحني ياسراج...."

وهل المغفرة شيءً هين على من طُعن بالغدر على ايدي أقرب البشر إليه هناك من يغفر في حقه
لكن من الصعب ان يغفر في حق غيره..

فزهران لم يذنب في حق شقيقه فقط بل أذنب في حق الكثير.. زوجة أخيه، وابنة أخيه اللَّوَاتِي لقُ مقتلهم بابشع صورة !، جواد وما أصابه من كوارث لمجرد انه يحمل چينات الغمري.... حتى سيف ظل يعيش في بئر الخداع والتصنع لعمر بأكمله وهو يرى عمه في افضل صورةً سواية! ، سوى هو او اسيل ابنة شقيقته الصغرة.. حتى والدته خدعت به وستكتشف ما ينفطر قلبها لأجله حتماً ستصاب بالخزي والخذلان على حقيقة ابنها الوحيد المتبقي من أولادها !..وان علم أحد بقتله لاخيه وعائلته حتماً سيبقى العذاب والخزي أضعاف مضاعفة عليه، لم يتوقع ان يصل به الحال الى هنا ظن ان الشر سيستمر ظن ان شيطانه سيظل معه ليرمي له الأعذار ويقوي حقده وكره نحو أخيه وعائلته لكنه يشعر ان كل شيء انسحب منه حتى شيطانه وحقده تركوا إياه جالساً يذرف الالم والندم على
ما اقترفه بيداه !...

ان كُنت تظن أنها ستدوم فتذكر ان الدوام لله واحده !....

دلف رجال الشرطة الى مكتب زهران بعد ان فتحت لهم الخادمة....

رفع زهران عينيه عليهم بتشتت... ليجد اسر يبتسم له بتشفي وهو يقول بخبث...
"وأخيراً وقعت يازهران.... حطه يابني الكلبشات في أيده ورانا قضية عايزه تتقفل..." نظر نحوه بخبث وعلى محياه ابتسامة انتصار.....

خرج معهم زهران مطأطأ الرأس وسط صدمات (أنعام) التي علمت حقيقة أموال ابنها وما فعله طيلة تلك السنوات من صفقات مشبوهة واموال محرمه ليكون بعدها إمبراطورية الغمري وسلطةً أمام الجميع !...

عودة للحاضر...

تنهد وهو يخرج من المشفى وجد أمامه الجدة أنعام تجلس في حديقة المشفى على مقعداً ما تذرف الدموع بحزن وخزي مما اقترفه ابنها في حقها وحق الجميع ...

طيلة حياته يحملها نتيجة اخطأ ابنها يحملها ذنب لم تدركه بعد،يعلم انهُ مُستبد في تلك النقطة لكن هي لم تحاول ان تغير نظرته عنها...

لكنها ستبقى في نهاية جدته والدت أبيه لولاها لم يكن !....

جلس بجوارها وهو يقول بخفوت...
"كفاية عياط ياجدتي...اللي حصل حصل وإحنا مش هنقدر نغير حآجه...ادعيله ربنا يهون عليه... "

نظرت له بحزن وهي تقول بذهول وحسرة ....
"ياااه ياجواد...من عشرين مسمعتكش بتناديلي وبتكلمني بشكل ده....من عشرين سنة وانا مستنيه قلبك يحن عليه وتعوضني عن فراق أبوك...."نظرت الى ملامحه وكانها تحفرها في عقلها....
"انتَ عارف إني بحبك لأنك بتشبه سراج أوي فيك كتير منه....."نزلت دموعها بكثرة...

التفت إليه هو يقول بحنو...
"عارف...وعارف كمان انه مكنش بيحب يشوفك زعلانه او بتعيطي...."مد يده ليمسح على وجهها المجعد باصابعه وهو يقول برجاء...
"عشان خاطري كفاية عياط....لو ليه خاطر عندك..."

نزلت دموعها وتعالت شهقاتها وهي تسحبه لاحضانها مُتخيله وجهه وهو صغير حينما كان لا يعرف النوم الى بجوارها فكم كان الأقرب إليها والى زهران قبل ان تنقلب حياته ويخسر عائلته....

"وحشتني ياجواد وحشتني اوي يابني..." نزلت دموعها بكثرة وهي تضمه الى احضانها بحبور
أم !..

أبتسم بحزن وهو يقول بشفقةٍ عليها ...
"وانتي كمان ياجدتي وحشتيني...."

كانت تراقبهم بسمة من خلال نافذة غرفتها فهي اصرت على السير قليلاً في الغرفة فكانت تشعر
بثقل جسدها بسبب طيلة الساعات التي مكثت
بها في قلب هذا الفراش الكئيب...

إبتسمت بحزن وهي تطلع على هذا المشهد التي تضرعت لله كثيراً لرؤيتهِ.....

"الحمدلله..."
_____________________________________
بعد مرور أسبوعين على تلك الأحداث

استعادة بسمة صحتها ومتثل جسدها لشفاء من هذا الجرح وطيلة تلك الأيام لم يتركها جواد بل ظل بجوارها ليلاً ونهاراً حتى اسيل وسيف وشقيقتها دعاء و زوجها كلاً كانوا بالقرب منها...

ما احزنها في تلك الأيام هو خبر سفر الجدة( أنعام) الى ألمانيا للمكوث عند احد اقاربها فهي باتت لا تطيق هذا المكان فكلما حاولت التاقلم على حياتها الجديدة بعد سجن ابنها تسارعت أسئلة الشماتة من بعض النساء والرجال الذين كانت تظن أنهم جزءً مهم من حياتها حتى بعد الأصدقاء لها كانوا مصدر إزعاج وتشفي إليها ، قررت الرحيل بعد ما تعرضت له ووعدت احفادها بزيارتهم ان سنح لها الأمر
بذلك !..


"خلصتي يافرولتي...." قالها جواد وهو يدلف الى بسمة التي ارتدت ملابسها عازمة النية على الخروج من تلك المشفى.....
"آآه ياحبيبي خلصت.... بس قولي هنروح على فيلة الغمري ولا...."

"لا فيلة الغمري دي تنسيها خالص... انتي هتروحي على فيلة جوزك حبيبك...." احاط منكبيها وهو يقبل وجنتيها بحراره... إبتسمت بخجل وهي تقول بدلال..
"طب جوزي حبيبي ده اشترى الفيلة دي امته..."

"الفيلا دي هي والمزرعه وشقة المعادي كان بيعه واحده.. وانا ظبطهم على ذوقي..."

طوقت بيداها عنقه بحنان وهي تقول بحب...
"ذوقك!... بصراحه ان محبتكش غير عشان ذوقك ده...."

"ذوقي بس...." غمز لها بخبث... عضت على شفتيها وهي تقول بخجل...
"وحاجات تاني كتير..." رفع حاجبه وهو يسأله
بلؤم.. "زي اي مثلاً...."

نظرت الى ملامحه العاشقه لهم والى تلك العيون التي تتحاول الى اللون الرمادي الامع حينما يبدأ بالعبث معها..
"يعني عينك وملامحك وو... وحاجات كتير..." ابتعدت عنه سريعاً وهي تخفي حمرة خجلها عن عينيه....

توسعت ابتسامته وهو يرى خجلها المحبب إليه، اقترب منها وهو يقول بخبث...
"تمام يافرولتي بلاش نكمل كلامنا هنا نكمله في بيتنا بس قبلها... في مشوار مهم لازم تيجي معايا فيه..."

رفعت عسليتاها نحوه وهي تقول بقلق.
"مشوار إيه دي ياجواد.... "

مسك ذقنها بحنان ووضع قبله سطحية على شفتيها قبل ان يقول بحنان....
"متقلقيش ياحبيبتي مفيش حاجه تقلق..... بس انا اتفقت معاكي إنك هتعرفي كل حاجه عني قريب...."

نظر لعمق عينيها وهو يقول بحنان...
"مش عايزه تعرفي كل حاجه عن جوزك ..."

إبتسمت بحب وهي تومأ له بـ (نعم)....

"خلاص يبقى يلا بينا...."شبك يده بيدها وسارت معه لخارج المشفى حيثُ سيارته الفارهة...
____________________________________
وصل جواد بسيارتة لكمبوند أنيق وقف بعدها أمام
مبنى يكتب عليه(فيلة سراج الغمري)تفقدت المكان
من حولها لتجد المبنى القابع أمامها شبه مهجور
واثار الحريق والدمار تعتريه من الخارج وأكيد من الداخل المشهد اسوء....

تنهد جواد وهو يقول بحزن...
"من هنا بدأت طفولتي....وفي نفس المكان إنتهت..."

عضت على شفتيها بأسى وهو تتفقد بعسليتاها المكان من الخارج....

فتح الباب بجواره وهو يقول بهدوء....
"يلا بينا...."

اومات له بتردد فهي لم تتصور ان يأتي بها الى هنا لم تتوقع فعلته تلك !...

دلفت الى المكان من بوابة حديدية عليها آثار الحادثة الشنيعة...

مسك يدها بين يده ودلف بها الى الداخل...

تفقدت بصدمة أيضاً المكان من الداخل كانت الحوائط المزخرفة ذو الطلاء الجميل تضع الحادثة لمسة تذكر المشاهد ببشاعة ماحدث لهذا المنزل واصحابه....

حتى الفرش مُتهالك أكلت النيران جزءً كبيراً منه والجزء الآخر تُرك عليه أثراً !....

نزلت دموعها وهي تشاهد هذا المكان...

لماذا مزال يحتفظ بكل ما تركه الحريق على منزلهم
لماذا ياتي الا هنا ويقتل نفسه كلما تفقد مكاناً شهد على صرخات واستغاثة عائلته فحتماً كان هناك للحظات استغاثة قبل ان يموتون بداخله...

شهقت وهي ترى بقعةً دماء كبيرة وجافة على الحائط بجوار الدرج اهي لشقيقته ام لوالديه

"مش مصدقه إنك بتدخل هنا... مش مصدقه..." وضعت يدها على شفتيها تكتم شهقات بكاءها وصدمتها غما تراه ...

اولها ظهره وهو يتنهد بعذاب...
"كنت باجي هنا كل ما..."صمت وهو يبتسم بتهكم..
"كل ما بقتل...باجي عشان أعذب نفسي وانا بسمع ضميري وكلام أبويه..اللي طول عمره بربيني على إني ظابط مش مجرم وقاتل..." صمت وهو يحارب
تلك العبرات الا تنحدر من مقلتاه...
"مكنش يعرف ان كلامه ده هيفضل يعذب الجوكر
لحد ميستسلم ويرجع... يمكن أكون رجعت
وصلحت بعد الغلطات اللي عملتها..بس انا لسه من جواياا بتعذب لسه مش قادر القي الراحه اللي تخليني إرجع أعيش وكمل زي الأول....ان مكنتش
زي ماهو عايز ان كانت عكس ماهو كان بيتمنى...
بل كُنت أسوء...."

مرر أصابعه بين خصلات شعره بقوة وتحشرج صوته وهو يقول ..
"انا مكنتش الاخ اللي يستحق حب اخته.. ولا كُنت الابن اللي يستحق حنان وطيبة أمه عليه ولا حتى كُنت الابن الكبير اللي يستحق يكون مكان أبوه لو جراله حاجه ...

"انا فشلت في كل حاجه....وخترت طريق الموت وانا فاكر اني مش هأذي حد بسببي....بس آزيتك وكان ممكن تروحي مني بسبب شيطاني بسبب اني خايف إرجع عن اللي انا فيه ملقيش حد مستنيني...

"انا عمري ماخفت على حياتي غير لم قبلتك يابسمة ...انا حبيتك لدرجه صعب يوصفها لساني...."استدار اليها بعيون حمراء من آثار ما يعتري وجدانه...حدج بعمق عسليتاها وهو يقول بمصدقية..
"انا بعشقگ...ابعد من العشق نفسه...."

نزلت دموعها وهي تبتسم بسعادة شبه حزينة...

قطع المسافة بينهم ووقف أمامها وهو يقول
بصوتٍ متحشرج ...
"انا عايز ابدا من جديد بس وانتي معايا....وتساعديني على ده..."

"انا هفضل معاك دايما ....بس المهم تتصالح مع نفسك الأول....ولو عايز فعلاً ترتاح لازم ترجع تقرب من ربنا تاني وان شاء الله الجاي من حياتنا هيكون احسن من اللي فات ..."إبتسمت امام وجهه بمحبة رفعت اقدامها قليلاً لتشب عليها محاولة معانقته لفرق الطول بينهم لم يسنح له كثيراً في التأخير بل جذبها هو رافعاً جسدها بأكمله الى احضانه....

تنهدت بارتياح فهي قلب منزلها أخيراً تشعر بسكون قلبها وجسدها بداخل احضانه الدافئة...
"بحبك أوي ياجواد...."

"وانا بعشقگ يافرولتي....." ضمها أكثر الى احضانه بحنان ومسد بيداه على شعرها الأسود وهو يقبل عنقها باشتياق ، لتمر اللحظات الحب سريعاً ويصدح هاتف جواد مُعلن عن اتصال من (اسر)...

جلس على الاريكة المتهالكه واخدها على اقدامه وهو يقبل شفتيها بشوق قبل ان يفتح الخط قائلاً بخشونة...
"أيوا يأسر..... ورقة إيه ده..... تمام.... تعالى على
البيت القديم.... سلام..."

نظرت له بسمة بقلق بعدما تغيرت تعبير وجهه قليلاً....
"في اي ياجواد... و ورقه اي ده اللي بيتكلم عنه اسر..."

نظر لها بحيرة قبل ان يقول...
"مش عارف.... بيقول ان في ورقه مهمه تخصني وقعت في أيده وهو بيفتش في خزنة عزيز التهامي..."

رفعت حاجبها بريبه...
"عزيز التهامي؟ وورقه تخصك.... هيكون فيها اي يعني...


يتبع الفصل الاربعون والاخير اضغط هنا .



 

reaction:

تعليقات