Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية عشق الادم السابع والعشرين 27- ياسمين

رواية عشق الادم السابع والعشرين- ياسمين

رواية عشق الادم السابع والعشرين

تجلس في شرفة غرفتها، وحيدة، صامتة، كعادتها منذ عودتها من المستشفى منذ يومين.. لم تكلمه... لم تنظر إليه...جاء مساء ليقلها من المشفى إلى القصر بهدوء ليرحل بعدها بهدوء

ابتسمت بسخرية و هي تعود بذكرياتها إلى أول يوم وطئت فيه قدماها شركته المشؤومة، إعجاب، أو ربما إنبهار.... بوسامته، رجولته صرامته و قوة حضوره و شخصيته القيادية او ربما ثروته لم تكن الوحيدة التي بل كانت من ضمن آلاف الفتيات المعجبات اللواتي ينتظرن ابتسامة او حتى إلتفاتة منه.... لتكون هي ياسمين أحمد الأكثر حظا بينهن و تفوز به.

لم تفكر مرتين عندما عرض عليها الزواج به... بل وافقت بعد أن رأت الجميع موافق.

:"واو مش معقول آدم الحديدي بذات نفسه".

"انت اكثر بنت محظوظة في العالم ياياسمين"

"انت مش عارفة دا مين؟"

"انا بحسدك... ياريتني كنت مكانك".

"حتعيشي حياة ثانية عمرك ما احلمتي بيها"

"حيعيشك ملكة"

"قصر و عربيات، سفر، فلوس ملهاش آخر، الماس.."

عائلتها، أقاربها، جيرانها زملائها في الجامعة و الشركة.. ليتهم يعلمون و لو جزءََ صغيرا من معاناتها لندموا على اقوالهم السابقة

لم تهنأ بزواجها سوى اسبوعين، خمسة عشر يوما تتذكر تفاصيلها لحظة بلحظة، كل همسة، كل لمسة، كل كلمة من كلماته التي وعدها بالأمان معه، بحياة طويلة يملأها الفرح و الحب، يتوجانها بنسخ صغيرة منه و منها.

لينهار كل شيئ فجأة، كقصر من الرمال، أو كسراب لتنساب أيامها الجميلة و يتحول الحلم الجميل إلى كابوس بشع.

تشعر بالضياع بالخوف من المستقبل و المجهول، كل خلية من جسمها و عقلها تتوسلها ان تكف عن التفكير، فكلما فكرت اكثر كلما إزداد توجسها اكثر... حالها كحال متهم بريئ ينتظر صدور حكم الإعدام في أي لحظة.

مسحت دموعها بباطن كفها تاركة المجال لدموع جديدة، عادت بيديها تتحسس بشرة وجهها التي لاتزال تحمل بعض الكدمات.

ابتسمت بين دموعها على مظهرها المزري، لتتسائل بسخرية هل هذا مظهر عروس بعد شهر من زواجها؟ أين السعادة التي وعدها بها؟ أين الدلال و الحب؟ أين الامنيات و الوعود؟

أغمضت عينيها بتألم من صداع رأسها المتزايد.. تريد التوقف عن التفكير و لكنها لا تستطيع... كم هو مؤلم شعور العجز و الخذلان.. تعجز عن فهم غموضه، صمته، سكوته، قسوته الغير مبررة، غضبه المفاجئ.. ماضيه المبهم الشبيه بقطعة بازل تريد و بشدة فك الغازها، حقيقته التي أدركت انها بعيدة كل البعد عن فهمها.. هل هو مخادع، شيطان ارتدى ثوب الملاك ليوقعها في شباكه باسم الحب،حب مزيف رفعا إلى سابع سماء ثم رماها إلى الأرض السابعة.

ليتضح انه ليس سوى رجل مجنون، مهوس... حقيقة آدم البحيري التي يخفيها عن الجميع..


قطيت جبينها و قد تسللت افكار جديدة إلى مخيلتها فهذه هي عادتها عندما تغرق في التفكير... تنجرف أفكارها يمينا و يسارا دون قيود.

فيبدو انها أخيرا اهتدت إلى لسبب اختياره لها من الجميع لتكون زوجته... صغيرة، جميلة، و فقيرة حتى يسهل التحكم بها.. سيعوض ما يفعله بها من ضرب و إهانه و سجن...و اغتصا... بالكثير من النقود التي تحتاجها.. كمنزل لعائلتها و سيارة لشقيقها....

لكن إذا تزوج من فتاة غنية من طبقته فبماذا سيعوضها؟؟؟؟

أرخت رأسها على الاريكة المريحة و هي ترمق يدها التي تعج بلاصقات طبية، قاطع تأملها رنين هاتفها لتقول بتهكم:"كثر خيره سابلي الموبايل و الا كان حيبقى سجن بحق و حقيقي".

.....................................

دخل إلى الشركة و هالة من الغضب الأسود تحيط به، راقب الجميع من تحت رموشه يبحث عن من يخطئ و لو خطأ بسيط حتى يفرغ به جام غضبه الذي ازداد اشتعالا داخل صدره بعد قرائته ذلك الخبر.

دب الرعب في قلب الجميع، الكل يعمل في صمت، لا أحد منهم يريد مواجهة غضبه الأسود، شق طريقه نحو مكتبه الذي يقع في آخر طابق ليجد سكرتيرته ندى منكبة على حاسوبها تعمل بتركيز، انتفضت كم مكانها عندما سمعت صوت آدم المغلف بالغضب

:"اعمليلي القهوة بتاعتي و هاتيلي صفقة العزيزي جروب و متنسيش تكلميلي مكتب أحمد الجندي حدديلي معاه اجتماع في أقرب وقت".

انتهى من إملاء اوامره ثم دلف مكتبه صافقا الباب بعنف دون انتظار اجابتها لتنتفض ندى للمرة الثانيه واضعة يدها على قلبها الذي تسارعت دقاته قائلة بهمس:" يالهوي دا باين يوم اسود من أوله... رحمتك يارب... ".

جلست على كرسيها تنظم أوراق الصفقة التي طلبها بعد انتهت من نسخها و هي تمتم:"بقالي سنتين في أم الشركة دي و لا مرة صبح عليا زي الخلق....عليه بوز.... و الا بلاش اما روح اعمل قهوة بسرعة قبل مايطلعلي يطين عيشتي".

داخل مكتبه زفر آدم بغضب، و هو يتذكر جدول مواعيده المزدحم لهذا اليوم....روتين قاتل.... اجتماعات لاتنتهي... ملفات ناقصة تنتظر مراجعتها و الامضاء عليها...صفقات جديدة يجب دراستها.. مشاكل المصانع و فروع الشركات الأخرى... و مشاكل حياته التي انقلبت فجأة و فقد السيطرة عليها لتأخذ الحيز الأكبر من تفكيره هذه الفترة.

ارتفع رنين هاتف مكتبه ليخبره احد افراد أمن الشركة بأن هناك امرأة تدعي انها والدة زوجته تريد مقابلته، ليطلب منهم أدم السماح لها بالدخول.

بعد عدة دقائق كانت السيدة سلوى تجلس أمامه و في يدها صحيفة مطوية ليقول آدم متجاهلا نظراتها الغاضبة التي تكاد تفتك بها:" تشربي حاجة يا سلوى هانم".

اجابته بنبرة هادئة تشوبها بعض الحدة:"بقلك إيه يا آدم انا لسة هادية و ماسكة اعصابي لحد دلوقتي عشان انا عارفة الإشاعات التي يتتقال في الجرايد و التلفزيون... و أظن انت عارف كويس انا بتكلم على إيه... انا الصبح لما قريت الخبر قلت لازم أتأكد قبل ماأقول او أعمل اي حاجة.. كلمت ياسمين بس هي قالت إنه موضوع كذب و اشاعات و انا بعرف بنتي كويس لما بتكذب عليا بيبان عليها بسهولة فأنا جيت هنا عشان تفهمني ايه اللي بيحصل انا قلبي كان حاسس انها مش كويسة و تأكدت لما شفتها في فرح رنا، انا كنت ملاحظة حاجات كتيرة المدة اللي فاتت بس قلت مش لازم أتدخل بين راجل و مراته لكن لحد هنا و كفاية.. انت لازم تفهمني ايه اللي بيحصل مع بنتي".

أغمض آدم عينيه بقوة لعدة ثواني ثم فتحها، يعلم جيدا انه خطأه عظيم هذه المرة و يجب أن يتحمل مسؤولية أفعاله فوقت المواجهة قد حان، شبك يديه معا فوق سطح المكتب أمامه قائلا بنبرة واثقة

:" انا عاوز اقول لحضرتك على حاجة قبل ما اجاوبك على اللي انت عاوزة تعرفيه...انا بحب ياسمين جدا بحبها لدرجة اني مبتخيلش حياتي من دونها...و هي مراتي و حتفضل مراتي لآخر يوم في عمري و مفيش قوة في الدنيا حتفرقنا عن بعض حتى لو كلفني حياتي...ياسمين كويسة خرجت من المستشفى و جبتلها ممرضتين عشان يهتموا بيها و انا سايبها دلوقتي عشان تهدى و بعدها حتكلم معاها و حتحل كل الخلافات اللي بينا.. انا مش عارف الخبر تسرب إزاي بالرغم من اني عملت كل احتياطات.. على العموم حضرتك تقدري تشوفيها في اي وقت انا مش حمنعك البيت بيتك و اهلا بيكي في اي وقت".

نظرت سلوى لآدم بصدمة تحاول بكل جهدها فهم هذا الكائن الذي أمامها، يتكلم ببرود و كأنه لم يقم بمصيبة استفزها بشدة حتى انها وقفت من مكانها قائلة بصراخ ينافي شخصيتها الهادئة التي تتميز بها:" حب إيه و زفت ايه اللي انت بتتكلم عنه انت واعي بنفسك بتقول ايه... بتحبها امال لو كنت مبتحبهاش كنت عملت إيه تقتلها و ترميها.... بقلك إيه أنا عديت كثير و عملت نفسي مش واخذة بالي و دايما كنت بقول ميصحش أتدخل بين راجل و مراته، منعتها انها تزورني بعد ما رجعته من شهر العسل و قلنا عادي حقه و لما منعتها تحضر فرح رنا من البداية قلت كمان هو عنده حق و يمكن عنده اسباب مقنعة مع اني لما تكلمت مع ياسمين قالتلي ان هي اللي مش عاوزة تحضر و في كل مرة بسألها بتزوغ و تنكر لكن توصل بيك انك تضربها و تعتدي عليها و تدخلها المستشفى...هي دي الأمانة اللي وعدتني تحافظ عليها... في راجل يعمل كده في مراته بعد من جوازهم.. حتى لو بتكرهها معندكش حق تعمل فيها كده".

وقف آدم محاولا ضبط أعصابه فهو لا يحتمل ان يصرخ أحدهم أمامه حتى و ان كان على خطأ ليهتف بهدوء مصطنع:" حضرتك اهدي و بلاش انفعال.. اللي حصل كان غلطة بس اكيد في حل".

سلوى بغضب:" حل زيه انت تجننت بتتكلم و كأنك معملتش حاجة... شوف الجرايد كاتبة ايه اللي عملته مصيبة و انا لا يمكن اسكت... دي بنتي عارف ايه يعني معنديش أغلى منها هي و أخوها.... و زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف الظاهر كنت غلطانة من الاول يا.... يا باشا".

انهت كلامها و هي ترمقة بنظرات غاضبة تشوبها بعض السخرية رامية الجريدة على المكتب أمامه

ليجن جنون آدم من كلماتها اللتي تهدده بحرمانه من صغيرته:" سلوى هانم مفيش داعي للكلام داه... انا بعترف اني غلطان و غلطان جدا كمان وانا مستعد اعمل اي حاجة عشان تسامحني.. بس مستحيل اسيبها تبعد عني".

سلوى بتهديد:"انا عارفة إننا ناس بسطاء على قدنا و منقدرش نوقف في وشك بس بالرغم من كل داه انا مستحيل اسيب بنتي تعيش معاك بعد اللي حصل.... رجعلي بنتي بهدوء و كفاية فضايح ثانية انت في غنى عنها".

مسح آدم جانب فمه و هو يكاد يفقد آخر ذرات صبره فهو لطالما كان وقحا لايخاف او يحترم من حوله حتى أفراد عائلته بالتبني في اعتقاده انهم أناس متعجرفون لايستحقون الاحترام او المعاملة الجيدة... لكن منذ أن تعرف على عائلة ياسمين تغيرت نظرته قليلا... طيبتهم و مشاعرهم الصادقة التي يتعرف عليها لأول مرة جعلته رغما عنه يكن لهم مشاعر الاحترام و التقدير...لكنه الان يكاد ينفجر مش شده غضبه.... كلامها صحيح و هو يعترف بذلك يعلم أن ذنبه كبير لا يغتفر...لكن نادم لايعلم ماذا يفعل او كيف يتصرف حتى يكفر عن ذنبه الذي ارتكبه دون وعي منه.

جلس مجدداعلى كرسيه قائلا بجدية :"حضرتك بتهدديني... حتروحي للصحافة تقوليلهم على اللي حصل... هو انت فاكرة انني انا كده حخاف او أتراجع.... تبقي متعرفيش مين هو آدم... جوز بنتك... بس انا اطمنك اني انا مش بخاف من حد و ميهمنيش اي حد و اللي طلع الخبر داه انا حوصله و حعاقبه عقاب شديد أوي عشان يحرم يدخل في خصوصياتي بعد كده و عاوز اقلك كمان حتى لو اتطربقت السماء على الأرض ياسمين حتفضل مراتي و مش حتخرج من بيتي غير على قبرها.. و داه آخر كلام عندي و اتفضلي دلوقتي حقول للسواق يوصلك مطرح ما انت عاوزة عشان انا عندي شغل.. ".

اكمل كلماته ثم فتح احد الملفات الموضوعة أمامه ليقرأ أوراقه بتركيز متجاهلا سلوى التي وقفت أمامه ترمقه بنظرات قاتلة قبل أن تتجه إلى الباب و تغادر المكتب و الشركة باكملها متجهة الي القصر للاطمئنان على ابنتها.


أمسك آدم الجريدة بانامل مرتعشة من شدة الغضب...ثم رماها على الأرضية متوعدا لذلك الصحفي الغبي بعقاب لايخطر على بال احد، يعلم ان هناك حرضه على نشر هذا الخبر... فلا احد يجرؤ على الوقوف أمام آدم الحديدي ان لم يكن ورائه شخص يدعمه... شخص يكرهه و يسعي لينغص عليه حياته بأي شكل و يبدو أنه قد نجح في ذلك فمهمة استرجاع ثقة زوجته أصبحت أصعب الان.

عقد حاجبيه باستغراب و هو يطالع هاتفه الاحتياطي الذي أعده منذ اسبوع للاستماع لمكالمات ياسمين

(التجسس على هاتفها) يبدو الرقم غريبا فهو تقريبا يعرف جميع أرقام عائلتها و صديقاتها.. فتح سماعة الهاتف ليتسمع لصوت رجولي مألوف.

ياسمين بصوت رقيق :"ألو... مين معايا؟".

الرجل :"حمد لله على السلامة يامدام ياسمين".

ياسمين بتساؤل:"حضرتك مين... انا معرفش".

الرجل:"مفيش داعي تعرفي انا مين... تقدري تقولي فاعل خير و عاوز مصلحتك... اصل انا عارف الظروف السيئة الي انت مريتي بيها فبصراحة صعبتي عليا جدا... خصوصا انك واحدة حلوة و رقيقة وحرام اللي حصل فيكي كده.. ".

ياسمين بصوت غاضب رغم خوفها:" حضرتك انا معرفكش و ميهمنيش الكلام اللي انت بتقوله داه و انا مضطرة اني اقفل ".

الرجل بصوت مصر :" استنى يامدام ياسمين... صدقيني الكلام اللي انا عاوز اقوله في مصلحتك انت... انت حياتك في خطر فبلاش تعاندي و اسمعيني للآخر... جوزك راجل خطير و انت لازم تتخلصي منه في أقرب وقت و اللي حصلك داه ميجيش حاجة جنب اللي حيحصلك في المستقبل لو فضلتي معاه...انا ممكن اساعدك انت بس واقفي و سيبي الباقي عليا... آدم الحديدي مش زي ما انت فاكرة دا وراه أسرار و بلاوي كثيرة و انا متأكد انه مقلكيش حاجة على العموم انا عارف انه حابسك في القصر و مش مخليكي تخرجي بس انا اوعدك حتصرف و في أقرب وقت ححررك من العذاب اللي انت فيه... خلي بالك من نفسك و حكلمك من تاني مع السلامة".

بقيت ياسمين مصعوقة في مكانها لعدة دقائق قبل أن تستوعب ما يحدث من هذا الرجل و ماذا يريد منها؟ مالذي يقوله؟ رمت الهاتف من يدها قائلة بغضب قبل ان تجهش بالبكاء:" هو انا ناقصة بلاوي في حياتي مش كفاية القرف اللي انا عايشة فيه... ياريتني معرفتك يا آدم و لا كنت شفتك في حياتي....انا مش عارفة ليه بيحصل معايا كل داه و كأن الدنيا مستخسرة فيا الفرحة".

اما آدم فقد اسودت ملامحه بغضب... غضب قاتل يكفي لتدمير كل شيئ حوله... صفوان الجندي يبدو أنه يلعب بعداد عمره... يبدو أنه مصر على إيقاظ وحشه النائم الذي لم يره لحد الان، ارتسمت على شفتيه ابتسامة شريرة قبل ان يهتف بغموض:" فاكر نفسه ذكي اوي و بيلعب معايا... بس و رحمة امي لكون مندمك على اليوم اللي تولدت فيه... و تستاهل اللي حعمله فيك".

رفع سماعة هاتفة ليتصل برئيس حرسه الوفي :"ناجي اسمعني و ركز معايا انا عاوزك في حاجة مهمة........".

أغلق هاتفه و هو يحدق أمامه بنظرات قاتلة متوعدة، طرقات خافتة على الباب تلاها دخول ندى و بيدها ملفات جديدة... تقدمت لتضعها أمامه بحرص ثم قالت :" آدم باشا... الاستاذ أحمد الجندي برا و عاوز يقابل حضرتك".

آدم باختصار :" دخليه".

بعد عدة دقائق كان يجلس أمامه... رجل في بداية الستينات ملامحه هادئة و مسالمة عكس ابنه الطائش...

دار آدم حول مكتبه ليجلس على الكرسي مقابله.. وضع ساقه على الأخرى بعنجهية و غرور كعادته ليقول بنبرة صارمة:" حضرتك عارف انا طلبت اقابلك ليه؟ و على ما أظن آخر مرة ترجتني عشان اتجاهل اللي عمله ابنك في حقي و انا سامحته عشان حضرتك و عشان طنط شهيرة مراتك بس انت كمان فاكر كويس انا قلتلك إيه؟".

أحس أحمد بالارتباك من نظرات آدم الحادة فرغم صلة القرابة التي تجمعهم الا ان هذا البارد الذي يجلس أمامه يملك رهبة و ثقة تجعله يسيطر على على من حوله بسهولة ليهتف بتساؤل :" هو ابني صفوان عمل حاجة ثانية؟ ".


قاطعه أدم بعدم تهذيب :" انا حفكرك انا قلتلك إيه... انا قلتلك لو ابنك غلط فأنا مش حسكت و انت عارفني كويس لما اوعد بحاجة بنفذها..... ابنك غلط غلطة متغتفرش.. روح أسأله و هو أكيد حيحكيلك.. انا قبل كده كنت عامل حساب القرابة اللي بينا بس من هنا و رايح حيشوف وشي الثاني... مش حرحمه و حتى لو سفرته لامريكا بردو حجيبه ".

احمد بصوت مرتعش فهو يدرك ان آدم لا يهدد من فراغ :" قلي بس هو عمل ايه و انا بنفسي اللي ححاسبه".

آدم بغضب :"معادش ينفع دلوقتي هو تمادى كثير في عمايله و انا مقدرش اسكت اكثر من كده، ابنك الغبي فاكرني خايف منه او مش عارف هو بيخطط لإيه....عاوزك تقله انه مش آدم الحديدي اللي واحد زيه حيقدر يستغفله او يضحك عليه...

أحمد :"بس انت مسكتش و لا حاجة و آخر مرة خسرتني صفقة مهمة جدا فضلت شهور طويلة بشتغل عليها، انا مش عارف ابني عملك ايه المرة دي بس انا مليش دعوة بيه... أنا آخر مرة حذرته و هو ماسمعشي كلامي فيا ريت تخلي الخلافات اللي بينك و بينه بعيد عني.. انا مش حتحمل خسارة ثاني.. انا لحد دلوقتي بسدد قيمة الخسارة ".

نهض آدم ليختم لقائه باحمد :" انا مليش دعوة بكل داه.... كل اللي يهمني ابنك بس... انت عارف ان هو اللي مصمم يتحداني فخليه يتحمل اللي حيصله".

..............................


جلست غادة على سريرها البسيط تتأمل الساعة الذهبية التي تزين معصمها... ابتسمت بزهو و هي تقول:"و الله لايقة عليكي يا بت ياغادة... و لسه الي جاي احلى... انا عاوزة اشتري عربية و اتنقل من البيت الزبالة داه... هي ياسمين و رنا احسن مني في إيه... بكرة حيشوفوا غادة حتبقى إيه... ياسلام لو قدرت أوقع اللي اسمه صفوان الجندي داه... واو دي تبقى فرصه عمري هو انا كل يوم بقابل ناس نظيفة زيه... داه في اول مقابلة بينا هداني ساعة ثمنها أغلى من بيتنا، امال بعدين حيهديني إيه هو بصراحة شكله مخيف شوية بس مش مهم... انا كل اللي يهمني فلوسه ".

ضحكت بغرور و هي تعيد وضع الساعة في علبتها قبل أن تضعها بحرص في أحد الإدراج الموجودة بجانب السرير.

بعد قليل خرجت من غرفتها لتجد والدتها تقف في عتبة باب المنزل و تتحدث مع إحدى الجارات، لفت انتباهها الصحيفة الموضوعة فوق المنضدة، شهقت بخفة عندما رأت خبر :"حقيقة دخول زوجة آدم الحديدي الى المستشفى أثر تعرضها لاعتداء......

غادة بصدمة:" يا لهوي.. إيه داه...هو ايه اللي حصل:"

أسرعت الي غرفتها لتتصل بسهى التي تجاهلت مكالمتها لتهتف غادة بغضب عارم:" الكلبة مش عاوزة ترد عليا... هي اكيد شافت المصيبة اللي حصلت آدم اكيد حيعرف ان انا اللي كذبت على ياسمين... اكيد داه السبب اللي خلاه يضربها جامد كده... انا انتهيت...

شدت شعرها القصير بعصبية و هي تتحرك بجنون داخل غرفتها

:" دي مراته و عمل فيها كده امال احنا حيعمل فينا ايه...

رمت الهاتف من يدها بعد يأسها من إجابة سهى عليها لتقول محاولة تهدئة نفسها :" لالالا اكيد في سبب ثاني خلاهم يتخانقوا.... انا مليش دعوة و بعدين حتى لو هي قالتله انا حنكر كل حاجة... اه و هو انا حعرف منين أسرار زي دي".

ظلت تتمتم لوقت طويل قبل أن يقاطعها صوت هاتفها......

يتبع الفصل الثامن والعشرون اضغط هنا 

reaction:

تعليقات