Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية لن احرركِ الفصل الرابع والعشرون 24 - دهب عطيه

 رواية لن احرركِ  الفصل الرابع والعشرون - دهب عطيه

رواية لن احرركِ الفصل الرابع والعشرون

(فاقد الشيء لا يعطيه؟!)
كان يظن ان مشاعر الحب داخله قد دُفنت معها او مُحيت مع مرور السنوات، كأن ظن مائع غير متوازن مع طبيعتنا المُتقلبة غير متوازن مع قلب قد جفل عن الحب عمدان ليكتشف مع الوقت أنهُ
عاشقاً لأحدِهم، حواء جميلة، ناعمة رقيقة، مجنونة
تصيب قلبه ورجولته بمشاعر قد فقدها داخله منذ سنوات عديدة، وللحق مشاعره معها بطعم مُختلف يختلف عن الحب الأول هل حبها عشقاً، عشق آتى بعد النضوج ليشعر بمذاق مرارته قبل أن ينغمس بحلاوة جنونة....

دلف الى تلك الورشة الصغيرة بدون أن يطرق الباب فهو تعمد رأيتها وهي ترسم بصمت، اختلس
النظر لها بُبنيتيه متفقدها بعينتين مُسبلتين طال
النظر عليها وعيناه ترصد أبسط حركة تُصدر
منها...

تنهدت بعمق وهي تشخبط بلا أهداف بألوان عديدة على تلك اللّوحة البيضاء.... شعرت باحتلال أحدهم خلوتها ، وعطر رجولي تحفظها على ظهر قلبها..... رفعت عينيها بتيقن على إطار باب الغرفة
لتجد سيف أمامها مطولاً النظر بها....

تبادلا النظرات لبرهة قبل أن تتحشرج بصوتها بحرج....
"سيف.... انتَ هنا من أمته...." نهضت لتقف مُعطيةً مسافة ليست بقليلة بينها وبينه....

أغلق الباب وقترب منها مُقبل عليها بقامة طوله الذي تشعرها بحجمها الضئيل أمامه....
"مبقليش كتير..... وحشتيني...." لمعة بُنيتاه بالحب....
أبعدت رأسها عنه بارتباك جالسة على مقعدها الخشبي لتكمل ما كانت تفعله بصمت....

زفر سيف بضيق من طريقتها الجديدة معه....
"شكلي معطلك...." وقف خلفها وبدات أنفاسه
بالاسراع مُعلنة عن غضبه...

اجابته بالامبالاة....
"بصراحة آآه يعني أنا مش فاضيه وورايا كذا حاجه و.... ها..... سيف بتعمل إيه..." شهقت بصدمة بعد ان سحبها بقوة عن مقعدها عنوة
مُصطدمة بعدها بصدره من مباغتة حركته الغير
متوقعه منه.....
"اي طريق دي ياسيف فـ..."

"البنت إللي شوفتيها على الاب توب دي كانت حبيبتي بس هي ماتت من زمان اوي...." قاطعها
بتلك الكلمات الذي تخرج من بين شفتيه بتردد...

بلعت مابحلقها ولا تعرف بماذا تُجيب الآن وما الانسب لهذا الموقف...

"مش هتردي عليا، مش هتقولي أي حآجه..."

نظرت لبُنيتيه الامعة بالحزن والحيرة كذلك....

"معنديش رد ...."

"يعني إيه معندكيش رد...."

"يعني دي حياتك الشخصية وأنت حر...." ابتعدت
عنه لتخفي عشقاً يتربع في حدقتاها السوداء....

"بعدك عني ياسيل بيفسر عكس إللي بتوصليه ليه دلوقت ..."

"وتبريرك لصورة حبيبتك بأنها عايشه او ميته بيعكس ادعاءات الأخوه إللي بينا، هو مش أنا أختك برده ولا إيه....." اجابته بسؤال مماثل له يصحبه إبتسامة متهكمة....

زفر بقوة وكأنه يُعارك أحدهم....
"لا مش أختي... انتي ...أنتي بنت عمتي..."

نظرت له بعناد....
"بنت عمتك يعني مختلفناش أختك الصغيرة برده...."

"كفايه يأسيل وبلاش تضغطِ عليه اكترمن كده ...." اولاها ظهره بحنق...

إبتسمت باستهزء....
"بالعكس أنا مش بضغط عليك أنا بفكرك
بكلامك..تقدر تفهمني بقه أنتَ جاي هنا ليه؟... "

التفت لها ونظر لعيونها السوداء مطولاً بتمعن قبل أن يقول بكذب....
"جيت أطمن عليكي...."

"شكراً فيك الخير يابن خالي...."بدأت باشغال ذهنها وعينيها بالعبث في درجاً من إدراج مكتبها الصغير.....

" اسيل.... "همهمت برد عليه وهي توليه ظهرها....
" تحبي نخرج النهاردة.... "

"لا شكراً....."

"يعني إيه هنفضل في دايره دي كتير...."تساءل بسأم....

"مفيش حاجه ياسيف بس أنا مشغوله شويه..."

صمت الإثنين لبرهة قبل أن تلتفت له اسيل تسأله
بحرج....
"قولي ياسيف هو طبيعي الراجل يفضل وافي كده لحبيبته حتى بعد ماتموت...."

تلاقت عينيهما بصراع قاسي مابين حزن، وأسى وحيرة، واعتذار....
"على حسب الشخص...وعلى حسب قوة حبهم لبعض....."

جلست على المقعد الخشبي وتساءلت بصوتٍ حزين....
"يعني أكيد كنت بتحبها أوي...."

جلس على مقعداً مقابل لها ليمسك كف يدها بين يداه وغير مجرى الحديث بتوسل ...
"اسيل بلاش نتكلم في الموضوع ده...."

تحدثت بثبات مُصتنع....
"وليه بلاش مش بتحبها...."

"بحبها بس كمان عارف إنك بتحبيني...." وضع كف يده على وجهها بحنان ليمسح عبرات نزلت من مقلتاها عقب إنتهى جملته....

"أنت فاهم غلط ..." نهضت من أمامه ليقف في لحظه مُمسك بيداها مُقربها منه ليرتاح رأسها على صدره محاوط خصرها بيداه بقوة، عانقهما الأول
يعتليه مشاعر غريبة مُتناقدة داخل كلاهما...

شخص يرى ضعفه خيانه في حق حبيبته الراحلة !....

وشخص يرى صمته مهانة لكرامته من حب ميؤوس منه.....

"صدقيني ياسيل أنا ضايع من زمان أوي ومش عارف ليه بلاقي نفسي معاكي... مش عارف انساها
ولا عارف أعترف بحقيقة مشاعري ناحيتك لا عارف أبعد عنك ولا عارف أقرب منك.... أنا ضايع ياسيل
ومحتاجك جمبي...." مالى عليها ليدفن وجهه بجوف عنقها...

اغمضت عينيها بضعف من تلك المُلامسات بينهما التي كانت كصعقة الكهربائية لها فهو الرجل الوحيد الذي اعطت له مفاتيح عديدة تخصها ، يمتلك الكثير ولكنه جاهل في رأيت مايملك...

اخرجها من احضانه ونظر لعيونها سائلاً بتراقب...
"هتفضلي جمبي ياسيل مش كده...."

تنهدت وهي تجيبه....
"هفضل جمبك الكام شهر دول بس بعد كده..."

"بعد كده إيه...." قطب حاجبيه بعدم ارتياح لباقي حديثها المتردد....

رطبت شفتيه وهي تخبره...
"أنا مسافره إيطاليا وهستقر هناك حوالي سنتين.."

"عشان؟.."

تنهدت بعمق ثم إضافة...
"في مسابقة داخلها ولو كسبت هكسب خبره أكتر في مجالي على ايد اساتذا كبار في ايطاليا واحتمال أعرض لوحات ليه هناك يعني لو عجبهم إللي بقدمه ..." لم تخبره بما تخطط له من استقرار مدى الحياة هناك ولم تخبره بأنها ستدبر أمرها بالاقامة في بلد بعيدةً كل البعد عنه، ستعمل هناك وتستقر بعيداً عن حب لا تسعى أبداً لمعالجته وترويض ماضيه !....

"مستحيل ده يحصل طبعاً...." تحدث سيف برفض قاطع.... رفعت اسيل عينيها عليه وسألت باستنكار
"مستحيل؟؟... أنتَ بتقول إيه ياسيف...."

"إللي سمعتيه لو عايزه تتعلمي وتكسبي خبره أنا ممكن اجبلك اكبر المصممين لحد عندك واشهرهم تحت رجلك لكن سفر وقعده لوحدك
مستحيل....."

"مش هما اللي هيجولي أنا إللي هروحلهم وبلاش تعمل وصي عليه أنا مش صغيره أنا عندي اربعة وعشرين سنة أقدر اعتمد على نفسي كويس أوي
SorryI'm not baby girl
(اسفه أنا لست طفله...)..." حدثته بِعناد فهي
تنوي التنازل عن كل شيء في سبيل عدم مواجهة
هذا الحب....

احتدت ملامح سيف وحملت وجوم هائل في ثوانٍ
ليمسك ذراعها بغضب امراً إياها بصوت حاد...
"بلاش تعنديني ياسيل وسمعي الكلام مفيش سفر
لوحدك...."

"سيب أيدي ياسيف... وبعدين انتَ بأي حق تمنعني..."

"بحق إنك مسئوله مني واني ابن خالك...."

"ولوو ملكش الحق إنك تحرمني من مستقبلي وطموحي.... مش هتمحي شخصيتي ياسيف ولا
أنا هفضل متعذبه جامبك شويه وحشتيني وشويه
اختي الصغيره، شويه تهتم وشويه تهمل وتمل... أنا مش هقدر اكمل بشكل ده معاك لازم أبعد
عنك وحاول انسك وأنت كمان انساني ياسيف..."
حاولت التملص من بين يداه الممسكة بها بقوة...
"كلامك بيعني أنها مش مجرد مسابقه وسنتين خبره ومستقبل مشرق، كلامك بيقول إنك نويتي تستقري هناك...." انزلت مقلتيها وهي تحاول الافلات من قبضته على رسغها...
"بصيلي ياسيل بتهربي ليه بعنيكي مني... انتي فعلاً ناويه تستقري هناك..." لم ترد عليه بل تمسكت بحبل الصمت للحظات....هدر بصوتٍ جهوري غاضب ....
"رد عليه..."

صاحت بانفعال من ضغطه عليها....
"أيوا هستقر هناك ايوا هبعد ياسيف هبعد عنك وعن حبك...." مسكت وجهه بين يداها الصغيرة
وتمعنت بنظر إليه بعمق بُنيتيه وقالت بعينان تذرفاً الدموع ....
"هبعد عنك عشان بحبك... بحبك وانت بتحب غيري وعايش على ذكريات غيري هبعد عنك عشان
أنت ضعيف ياسيف ضعيف ومصمم على عذابي معاك مع إني اتأكدت دلوقت إنك بتحبني زي مابحبك...." أغلقت شفتاه الرجولية بقبله ناعمة
بشفتيها لم تكن خبيره في قيادتها لكن بمجرد لمس
شفتيها الناعمة لخاصته قادها هو بتناغم وتلهف لتلك الخطوة التي لم يجرأ على فعلها معها.. انذهلت من مايفعله الى هذا ألحد يشتاق لها أكثر
من اشتياقها له ... أحاط خصرها بقوة ساحبٍ جسدها عليه أكثر استسلمت هي لعناقه وقبلة بدأت هي بها بجنون ليكملها هو باكثر تهوراً منها، عقدة يداها حول عنقه تلامست شعره البني الناعم باصابعها بحركة اثارته ود لو دام قربها الذي لطالما
تعايش معه في احلامه ، لكن الواقع ذو مذاق يختلف عن نسيج الخيال !....

فصل قُبله دامت لدقائق ليقطعها احتياجهم للهواء... سند جبهته على جبهتها بتريث لتلك
الحالة الجامحة التي وصل كلامها لها... من بين
لهاثه الحار هتف بتوسل طفيف ....
"بلاش تسفري ياسيل وتبعدي عني أنا محتاجك جمبي أوي...."

فتحت عينيها المغمضة لمواجهة بُنيتاه واجابته بخفوت..
"مش هينفع ياسيف طول مافي بينا (أمل) مستحيل تحتاجني جمبك..."

"أمل ماتت ياسيل افهمي بقه...." صاح بنفاذ صبر من إصرارها على الفراق ....

"المفروض أنتَ إللي تفهم ده... أمل فعلاً ماتت بس معتقدش أنها ماتت جواك...."

"لو فضلتي جمبي يمكن كل حاجه تتغير..."

"مش هقدر...." اجابته بصدق...

"مش هتقدري..... من فين يأسيل دلوقتي إللي بيتنازل عن التاني ...." احتدت عينيه باتهام لاذع...

"أنا... وانت سهلت عليه الموضوع....فبلاش تعاتبني على ضعفي وعتب على نفسك إنك بتستهون بمشاعري لمجرد إني بحبك والمفروض أكمل معاك على اي وضع بتختاره ليه .... "
ابتعدت عنه واتجهت نحو باب الخروج... اوقفها سيف قائلاً....
"اسيل أنتي فاهمه غلط...." التفت له نصف التفاته
وردت عليه بسخط ....
"يبقى لازم مع الوقت تفهمني الصح..." خرجت وتركته بنيران انانيته مابين حاضر يريد امتلاكه وماضي لم يفرت به بعد !....

_________________________________
نزلت من سيارة الاجرى مُتفقد المكان العام من حولها
ساحةً خضراء تحتوي عليها بعض الاشجار تعج ببعض الاشخاص كذلك ذو فئة العائلات !....بحثت بعسليتاها عن مكان آسر لتجده يجلس على اريكة رخامية صلبة توضع في منتصف تلك الساحة.....

اقتربت منه على مضض وجلست بجواره تاركه مساحه كافيه بينهم.....
"لو سمحت يامدام يعني أنا مستني أختي وهي زمنها على وصول والمكان اللي انتي قـ...

" بسمة... "صمت وهو يتطلع على وجهها الشاحب..

رفعت بسمة الـ(النقاب) بعد ان علمت انه لم يتعرف عليها بعد....
" ادامي أقل من ربع ساعة.... قولي كنت عايز تديني إيه.... "

"برافو عليكي حلو فكرة النقاب دي تصدقي مجتش في بالي قبل كده...."

"مستحيل أصلاً تيجي في بالك أنتَ أهم حاجه عندك توصل لمعلوماتك وتطلب تقبلني لكن تفكر فإني ممكن انتهي في اي وقت لو حد شم خبر بشغلي معاك..."

مط شفتيه ببرود...
"مش وقته الكلام ده دلوقتي امسكي..." مد يده لها بقطعة بلاستيكة صغيرة سوداء اللون.... وكانت عينيه مثبته للأمام وكذلك جسده لم يثير حركته
قط حتى لا يلاحظ أحد شيءٍ وخصوصاً وبسمة كانت الاتزال تكشف عن وجهها للمارة من حولهم...

"أي ده...."تساءلت وهي تمسكه بين يدها...

"جهاز تصنت....عايزك تحطيه في مكتب زهران إللي في الفيلا واكيد ده هيكون سهل عليكي ...."

"سهل....سهل ازاي أنا مبدخلش المكتب خالص وبعدين ازاي هدخل مكتبه اي حجتي..."

"دوري على أبسط حجه ودخلي بيها المكتب بس أهم حاجه تاخدي بالك من نفسك لحسان لو انكشفتي محدش هيسمي عليكي اولهم جوزك إللي
بتعملي ده كله عشان تحمي حياته من حبل المشنقه..."تحدث بتهكم فهو يسخر من مشاعرها الذي تعطيها بسخاء لشخصٍ الخطأ كما يعتقد....

صمتت لبرهة ولم ترد عليه ناظرةً أمامها قليلاً قبل أن تسأله بتردد.....
"ممكن اسالك سؤال وتجوبني بصراحه..."

همهما بهدوء مثبت عينيه أمامه بعدم اكتراث....

اضافة بعد ان رطبت شفتيها....
"هو أنت ليه مش بتحب جواد مع أنكم كنتو صحاب ...."

"كنا صحاب... وبعدين أنا شايف أن مفيش مجرم بيتحب ولخارج عن القانون مينفعش نتعاطف معاه ياحضرة المحامية..."أجاب بصلابة خشينة...

بلعت غصة استياء لترد عليه بحزن.....
"عندك حق...بس جواد واخد مكان في قلوب كل واحد فينا، أنا متاكده إنك لسه معتبره صاحبك ولسه
بتتمنى ليه حياة أحسن من كده...."

"جايز لكن الاكيد ان صاحبي اتحرق مع أهله من زمان أوي ولي بحاول أوصله هو الجوكر إللي بقى صوره تبق الأصل من صاحبي إللي مات...."

لم تكترث لكلمة (حريق) بل صوبة تفكيرها على أمراً آخر لتخبره بانفعال...
"جواد وعدني أنه هيبطل الشغل ده ومستحيل يشتغل مع عمه تاني...."

تقوس فم آسر بستهزء.....
"جواد بيكدب عليكي الجهاز اللي معاكي ده هدفه الاساسي إني أوصل لمعلومات كافيه عن الشحنة إللي جواد هيسلمها لتجارها كمان يومين...."

"مستحيل جواد يعمل كده.... أكيد مش بيكدب عليه هو مش مجبور يكدب .."صاحت بعدم تصديق...

"مفيش حد مجبور يكدب بس أوقات بنلجأ للكدب عشان نحافظ على حاجات صغيرة في ادينا..."
نظر لها بمعنى مفهوم.....

فهمت أنه من الممكن أن يكون حديثه صائب فجواد
أخبرها برغبته الكاذبة بعد إصرارها على الطلاق منه....
"أكيد في حاجه غلط..."هزت رأسها بتشويش فحديث( اسر) بدأ بسيطرة عليها كلياًّ....

"بكره تعرفي الحقيقة....وأنا لسه عند وعدي جواد هيفضل شاهد ملك في القضية لحد...."

"لحد؟؟...لحد إيه...."نظرت له بتساءل وارتياب...

"لحد متتاكدي انه ميفرقش حآجه عن عمه ولي معاه....."

"جواد غيرهم أنا متاكده...."نظرت أمامها لتزفر بقوة
لعلى هواجس حديثه تخرج من رأسها....

نهض آسر وارتدى نظارته السوداء ناظراً لها من تحتهم قائلاً ببرود....
"الربع ساعه إللي حددتيها خلصت وأنا لازم أمشي دلوقتي....."اومات له باقتضاب واضح....

أبتسم اسر ببرود ولم يعلق ليكمل حديثه بجدية وعملية أكثر.....
"صحيح حاولي تركزي اكتر على أرقام الخزنة السرية لو قدرتي تخرجي الاورق إللي فيها هتقطعي
عليه وعليكي مشوار طويل أوي....."ذهب وتركها
جالسة، تنظر حولها تفكر في حديثه السلبي ولأجابي
كذلك لكن ماربكها أكثر هو حديثه عن تلك الشُحنة
واتهام (جواد) بالكذب والخداع عليها، هل حقاً (آسر)
على حق ام أنهُ يصب كرهه وحقده الواضح على (جواد) !.....

آتى في بالها جملته عن موت جواد مع عائلته في (حريق) هل فقد عائلته في حريقٍ لهذا السبب
أصبح على ماهو عليه....

فقدان أهله في حريق !.....
موت توامه ولاقرب إليه !....
سجنه ظلماً أكثر من خمس سنوات !...
فقدان حلمه، وشقاء سنوات دراسته أصبح مدفوناً
تحت رماد الماضي مع المفقودين !....
ولأخير عمله مع عمه المخادع في عمل مشبوة
كهذا......

الحقائق وضحت الآن أمامها وتلامست التحويل الشاسع بين (جواد الغمري)لـ( جوكر )في عالم المافيا كما يطلق عليه.......

"الموضوع بيتعقد اكتر من الأول أنا بقيت حسى إني
بوهم نفسي إني بتحرك أصلاً، أنا حسى لسه في مكاني معملتش اي حاجه تحررني وتحرره من الارف ده كله....."رفعت رأسها لسماء وتمتم داخلها بيأس...
"يارب دبرني ورشدني لطريق الصح أنا مبقتش عارفه المفروض أبدا منين بظبط مبقتش عارفه..."
سندت ساعديها على ركبتيها ووضعت بعدها
رأسها على راحتي يداها لتصمت مُفكره في كل تلك الصفعات المتتالية واشدهم تلامس عليها استياء قلبها من تغير شخص مثل( جواد) بعد كل ماتعرض
له !..

هل تأمن بتغير ام أنها ترى التغير خُلق لفئات معينة
ولاشخاص ذو ظروف محددة عكس هذا (الجوكر)
الذي نال اسم يليق برحلة شقَى وعنوانها قاسي
عليها وهو ليس إلا (لن احرركِ) !....
___________________________________
بعد عدة ساعات.....

"بصي بقه يابسمة إحنا الفترة اللي فاتت ادربنا
على كام حركة كده تقوي بيهم عضلاتك إللي مش موجوده أصلا..." ضحكت ناهد صديقة دعاء التي
تدرب بسمة على الفنون القتالية منذ أكثر من أسبوعين.....

"شكلك بتتريقي عليه أمشي يعني..." تحدثت بسمة بضيق مُصطنع....

"تمشي فين انتي عايزه دعاء تزعل مني ولا إيه....

على العموم ياستي أنا هعلمك بعض الحركات الأساسية إللي تقدري تدفعي بيهم عن نفسك لو حد اتعرضلك...."

اومات لها بسمة بتركيز وجدية......

"حسام ياريت تيجي هنا شوي لو سمحت...." نادت ناهد على شاب عريض المنكبين فارع الطول يفوق
كلتاهما حينما وقف بالقرب منهم.....

"بصي يابسمة همثل كام حركة كده لدفاع عن النفس
مع حسام..." تحدثت ناهد ببساطة أذهلت بسمة التي اوقفتها بتردد....
"يعني مفيش غير حسام ده ياناهد دا طويل أوي ولو نفخ بس ممكن يطيرنا...."

تقوس فم ناهد لترد عليها بثقه...
"أول درس لازم تتعلميه قبل منبدأ ثقي في نفسك
ورمي خوفك ورا ماهو يا يأذيگِ يتأذيه في الحالتين
الازم كسبان واحد ولا إيه...."

عضت بسمة على شفتيها وهي تفكر مراررٍ وتكرارٍ في حديث ناهد.....

ثقي بنفسك ارمي الخوف ورا !؟...

تعني الكثير لها تلك الكلمات ليس من أجل التدريب الذي تُصر على تعلمه بل من أجل حياة تُجبر على
شروطها منذ الوهلة الأولى ....

تنفست بصوتٍ مُرتفع لتفيق من تراكم أفكارها على صوت ناهد وهي تقول .....
"قبل اي حاجه نقاط الضعف الأساسية عند الراجل العين والزور وتحت الحزام...."

انتبهت بسمة لها أكثر لتكمل ناهد وهي تشرح عملي
ونظري أمام بسمة....
"ركزي يابسمة معايا.... دول مهما بلغت قوة الراجل عمره ماهيقدر يقوي المناطق دي... دي أهم حاجه
واهداف اوليه لازم تحطيها في دماغك أول متحسي
بالخطر وأنك لازم تستهدفي اي حاجه من دول وطبعاً على حسب الموقف إللي ممكن تتعرضي ليه..

" لازم تحطي في دماغك أن Fayed بتاعتك في حد اقصى تالت ثواني فقط...."

تساءلت بسمة بعدم فهم...
"وليه السرع دي..."

"عشان متخليش رد فعل إللي ادامك أسوأ من كده خلي عندك سرعة بديها أكتر عشان تتفادي الخطر..."ارجعت ناهد خصلة من شعرها للوراء وصوبت نظرها على الشاب الضخم أمامها
وقالت....
"أول حاجه لو مثلاً حاول يلمسك و.....
___________________________________
في نهاية أليوم......

ترجلت بسمة من السيارة الفارهة لتقف أمام بوابة الفيلا ناظرة الى المكان بارهاق شديد قد انتهكها التعب نفسياً وجسدياً تريد أن تاخذ قسطً من الراحة
حمام دافء يهدأ من عواصفها وتلاطم الرياح القاتمة
بها تجعلها تتمنى هُدنه عن كل شيء واي شيء.....

"بسمة معقول انتي جيتي...."اوقفها صوت لميس الناعم، نعومة تشعر بسمة بالغثيان وضيق منها لا غيره بل اشمئزاز من تمثيلها الملامس به منذ أول لقاء بينهم....

" في حاجه يا يالميس.... "حدثتها بسمة بارهاق واقتضاب كذلك.....

" انتي نسيتي ولا إيه.... موضوع صاحبتي والمساله
القانونية إللي كنت عايزة استشيرك فيها.... "حدثتها
بلؤم مُقتربة منها بود زائف...

بررت بسمة بحرج لها....
"معلشي أصلي نسيت وكمان النهارده كان يوم مُرهق أوي....وبصراحه يعني أنا حالياً مش هعرف افيدك
لأني خلصانه ومخي مش هيسعفني بصراحه فخليها
بكره ان شاء الله نتكلم في موضوع صاحبتك ..."
كادت ان تذهب بعد أنهى حديثها لكن مسكت يدها
لميس وحدثتها بلطف....
"ولا يهمك ياحبيبتي خليها اي يوم تاني المهم سلمتك.....بس يعني لو مفيهاش قلة ذوق مني ينفع
تقعدي معايا شوية يعني أهوه أشبع منك أصلك بجد وحشاني وبعتبرك أختي الصغيرة ..."شرعت لميس بصوتٍ أكثر حزنٍ وتاثراً...
"يعني مانتي عارفه انتي أقرب واحده ليه في المكان ده...."اطرقت برأسها للأرض بأسه وشرعت بمسح
وجنتيها من الدموع التي لم تذرفهم قط !!...

تقوس فم بسمة بتعاطف معها قليلاً لتستجيب لها باقتضاب فهي ستموت حتماً ان لم ترتاح على فراشها
الآن لكن لا بأس بعدة دقائق تشاركهم مع تلك المسكينة اليأسة من وحدتها .....
"خلاص مفيش مشكله تعالي نقعد...."

إبتسمت لميس بسعادة من سير الخطة اللعينة
ببراعة ليس لها مثيل.....
"تعالي نقعد في الجنينه برا الجو حلو اوي هناك...

استنيني بقه شوية وهخلي شادية تعملنا حآجه نشربها.... "

اومات لها بهدوء.....

جلست بسمة على ارجوحة مريحة في جانباً من تِلك الساحة الخضراء ناظرة حولها بتمعن واستمتاع بجمال الخالق.....تمتمت بشرود....
"سبحان الله....."

وضعت لميس كوبين من العصير أمامهم وهي تبتسم
ببراعة قائلة....
"خدي ياحبيبتي عملتهولك بأديه يارب يعجبك..."

قطبت بسمة حاجبيها بشك متفقدة طريقة لميس الغير متوازنة مع شخصيتها...هي من تفعل العصير لها
وتقدمه أيضاً بطريقة منمقة!...

هي لم تجلس معها كثيراً وكانت دوماً تتلاشى اجتماعات تجمعهم لان تصنع( لميس)واضح
جداً عليها وهذا لا يروقها لا للخداع والتصنع
لا تفضل ذاك لهذا لم تعتبرها صديقة قريبة
مثل(اسيل)التي احببتها ورتاحت لها من الوهلة
الأولى بينهما.....

ارتشفت العصير بصمت وعسليتيها تفكر بكل مايدور
حولها من اشخاص لا يزالو غريبون عليها !..شعرت
بطعم غريب يشارك هذا المشروب فنظرت الى لميس
بتساؤل....
"هو أنتي بصيتي في صالحية العصير ده قبل متصوبيه ولا لا..."

توترت لميس قليلاً وبلعت مابحلقها بتريث
وتصنعت عدم الفهم متسائلة....
"ليه بتقولي كده...."

"يعني طعمه غريب شوي وكان في حاجه محطوطه مع العصير...."نظرت بسمة للكوب بشك...

"لا طبعاً.... يعني أنا بصيت في الصالحية وهو سليم جداً...بس يعني يمكن عشان عصير كوكتيل والفواكه
المخلوطه فيه كتير فأنتي عشان كده ضايعه فيهم شويه بس هو كويس اوي أنا بشرب منه معاكي أهوه..." تلعثمت عدة مرات لكن في نهايه حلفها لسانها لتكون هذا الحديث المنتقي لاقناعها ان الأمر طبيعي....

"جايز كلامك صح...."ارتشفت من الكوب بهدوء وتابعت ماتفعله لميس بعيون ماكرة....
"كنت عايزه اسألك يابسمة عامله إيه مع جواد..."
حاولت الخوض في أحاديث عادية حتى تكنّ الجالسة أكثر من طبيعية بينهم.....

"الحمدلله تمام...."

"يعني مرتاحه معاه...."سألتها لميس بلئم فهي تعلم حكايتهم منذ البداية عن طريق (عزيز التهامي)

كادت بسمة ان ترد بفتور مماثل للمرة الأولى لكن قاطعها برد هسهسة رجولية هادئة....

"أكيد مرتاحه معايا يامرات عمي أمال متجوزين إزاي...."تحدث جواد وهو يقبل عليهم ليقف امامهم
ناظراً الى لميس بعيون تضج ازدراء حاد....

تلعثمت لميس وهي تضع الكوب جانباً....
"جواد...عامل إيه..... قعد وقف ليه يعني دا القعده كلها في سرتك....."ضحكت ضحكه سخيفة....

التوت شفتيه جانباً قائلاً ببرود...
"لا شكراً مش فاضي....مش يلا يابسمة ولا إيه..."سالها بصوت هادئ...

هل هذا هدوء ما قبل العاصفة، لكن لم العاصفة ماذا فعلت له ؟؟.....

أماءت له بسمة تاركة كوب العصير محتواه يلامس
الربع المتبقي فقط من الكوب ولاخر قد دلف لمعدتها يشاركه تلك الاقراص !!.....

"تمام على راحتكم...."قالتها لميس وهي تجلس باستمتاع على الارجوحة لتكمل كوبها بتلذذ فقد
ارتشفت بسمة الطُعم وامامها مرتين آخرين وتظهر
مضاعفة قلة جرعة المخدرات الذي سيحتاجها جسدها حتماً حين تتوقف عن اخذها....
__________________________________
" براحه ياجواد....سيب أيدي مش كده..."تركها
بقوة حين دلف بها الى غرفتهم....

"اي طريقه دي....أنا عملت إيه عشان تعملني بشكل ده...."تساءلت بغضب أمام وجهه المقابل لها...

هدر بها بعنف...
"هو انتي لحد دلوقتي مش عارفه أنتي عملتي إيه..."

"لا مش عارفه عملت ايه...ممكن تعرفني أنتَ انا عملت إيه غلط...."

مسح على وجهه بضيق وهدأ من روعه ليردف بتمهل...
"بصي يابسمة ده تحذير عشان المره الجايه متسأليش نفس السؤال الغبي ده....لميس دي تقطعي
الكلام معها نهائي..... بحذرك يابسمة لو شفتك تاني قعده معها او بتكلميه في اي حاجه ولو بسيطه مش هيحصل طيب...."

"وليه دا كله....وبعدين أنتَ بتامرني كمان اكلم مين ومكلمش مين...."ردت معقبة بتمرد أنثى....

هدر بغضب هائل أمام وجهها....
" آآه بامرك وده حقي لأني جوزك وانتي مراتي...
ولا ناسيه جوزنا ياهانم "

" ده مش جواز ده سجن ومدى الحياة كمان..."ذهبت
من أمامه ليجذبها عنوة من معصمها لتقف أمامه مره
آخرى.....
"لم أبقى بكلامك تقفي تكلميني مش ترمي الكلام في وشي وتسبيني وتمشي...."

"سيبي أيدي ياجواد...وبعدين أنا خلصت كلامي ومفيش حآجه تانيه أقدر ارد بيها على مرضك ده..."
تلاقت عسليتاها بعينيه اللتين يكاد يخرج منهم
للهيب نيرانهم المُحترق...

"مرضي....يعني أنا بقيت مريض لمجرد اني بمنعك تتعاملي مع الحرباية إللي تحت دي..."تشدق بسخرية.....

هتفت باستهجان وعِناد...
"أنا مش صغيره وقدر اميز الوحش من الحلو وكمان أنا بعرف احمي نفسي كويس اوي من الحربيات اللي بتكلم عنهم ..."

ضحك ساخرٍ ليهتف بخفوت ....
"طب أنا هضفلك معلومتين صغيرين يمكن ينفعوكي ....الأذى بيجي في الخفى.....وثقه الزايده مش بتعظم صاحبها لا دي بتعيشه مُغفل وبيموت اهطل....وصلت ياقطة....."

تركها ذاهباً الى غرفة تغير الملابس ألتفت لها قبل ان يولج لداخل....
"وعلى فكره نصيحه اخيرة بلاش تعرضيني وحاولي
تتخلي عن حضرة المحامية إللي جواكي دي شوية وتركزي في أن إللي بيكلمك ده جوزك مش معارض
واقف اقصادك في المحكمة...."رماها بنظرة معاتبه
لا تخلو من الثبات والقوة....

زفرت بغضب احتلها من فوز حديثه عليها في كل مره تعارض شيئاً يريده منها !...

نظرت الى الفراش لتتفقد حقيبتها لتتذكر أنها قد تركتها عل الأرجوحة بجوارها....

اسرعت الخطى لذهاب لاخذها فهي تحتوي على جهاز التصنت الصغير.....
____________________________________
احضرت حقيبتها وتفقدت محتوايها لتجدها مثلما تركتها حتى (لميس) كانت غير متواجده في الحديقة من المؤكد أنها ذهبت سريعاً الى غرفتها فور ذهابها
مع جواد.....

كادت ان تصعد إدراج السلم المؤدي لغرفة نومها لكن تعرقلت عن السير حين سمعت سعال حاد من غرفة الجلوس وصوت ليس غريباً عليها كان صوت
أنعام تلك العجوزة التي مزالت علاقتهم حديثة التغيير منذ الصباح....

ولجت لغرفة الجلوس كي ترى مشهد أنعام المريع
تسعل بحدة وجهها المجعد شاحب وكان الهواء قد انقطع من حولها.....

تصلبت اقدام بسمة للحظة ولكن سرعان ما سيطرة على صدمتها واقتربت منها....

"ماما انعام مالك...."

"مــ.... مش قــ..... قادره.........اخد نـ نفسي آآه الحقيني...."تحدثت بصعوبة واضحة إصابة بسمة
بزعر عليها...
"طب اعدلي وضعيتك أكتر بصي اقعدي على طرف الكرسي ورفعي رأسك شويه لفوق وحولي تتنفسي
براحه وبانتظام وسترخي شوية...."ساعدتها بسمة
في تلك الأشياء وتمثلت أنعام لحديثها بوجهاً يكاد
يشابه الأموات بشحوبه....

بعد مرور ربع ساعة من تلك الاسعفات الأولية لحالة
ضيق التنفس تلك هدأ جسد انعام وبدأ بالاسترخاء
والاستنشاق بشكل طبيعي.....
"الحمدلله كده بقيتي أحسن....بس لازم تروحي تكشفي لحسان تكون أعراض ربو ولا حاجة...يعني ربنا يستر ويبعد عنك اي شر بس لازم تطمني على نفسك برده ...."جلست بسمة بجانبها على مقعداً
ما....

نظرت لها انعام بامتنان وحزن....وحدثتها بتوسل....
"سامحيني يابسمة يابنتي...."

هزت بسمة رأسها بعدم فهم لتضع يدها على يد أنعام الموضوعة على ذراع المقعد...
"اسامحك على إيه ياماما أنعام...يعني أنتي عملتي إيه يعني..."

"عملت كتير كفايه اني اهانتك واسأت ليكي من اول يوم اتجوزتي فيها حفيدي...كفايه اني ظنيت فيكي
بسوء وفتكرتك إنك طمعانه فينا وان الجوازه بنسبالك مصلحه مش اكتر...."

لم تحزن بسمة من سرد تفصيل انعام لها وعن هذا الإطار الذي وضعتها به منذ ان رأتها او من المُمكن ان يكون قبل أن تراها حكمت عليها بالمستوى الإجتماعي قبل ان تحكم عليها هي نفسها ذاتها، لن تلومها فلم تلوم ظنون البشر؟ أليس الظن شيءٍ فطري فالبشر ، منا من يُصنفها بالخير وتفاؤل ومنا من يُصنفها بالشر وسوء الظن بالله قبل العبد !....

"وإيه إللي غير فكرتك عني...."تساءلت بسمة بابتسامة هادئة صافية تحكي بها أن الأمر أبسط
من كل تلك الضغوطات التي تشعر بها أنعام الآن
أمامها...

"يعني إللي انتي عملتيه دلوقتي....والفترة إللي عشتيها معانا شوفتك بنت بسيطة محترمة قلبك
أبيض يمكن متصدفتش معاكي كتير لكن كانت دايما
عيني عليكي قربك من اسيل وصحوبيه الحلوه إللي
بينكم طمنتني أكتر وحسيت أن ممكن أكون ظلمتك
وحكمت عليكي غلط.... كمان قلة حبك للفلوس يعني انا ملاحظه إنك مزالتي شغاله في مكتبك ومتمسكه
بشغلك فيه مع إنك كان ممكن بابسط طريقه تطلبي
من جواد يشتريلك مكتب بأسمك في احسن حته في مصر ....حتى لم كنتي بتروحي المكتب دايماً بشوفك
بتركبي تكسي مع ان جراش الفيلا مليان عربيات
وباشاره واحده منك للحارس كنتي هتركبي احسن عربية بأحدث موديل....."تنهدت أنعام لتكمل بصوتٍ
نادم...
"حاجات كتير اوي يابسمة خلتني احس إني ظلمتك وانك مش زي لميس إنك معدنك أصيل وبنت ناس فعلاً....وكمان انتي علمتيني أن الناس مش مقامات
الناس أخلاق ولاخلاق والمواقف بتثبت معدان الإنسان الحقيقي....وأنا ظلمتك اوي يابسمة وعايزك تسامحيني....."

نزلت دموع بسمة تاثراً من حديثها لتبتسم بعدها وهي تمسح دموعها بظهر يدها كالاطفال...

نهضت بسمة وجلست على ركبتيها أمام أنعام وقالت بعتاب....
"اسامحك إزاي بس ياماما هو في أم بتطلب من بنتها
السماح الأم بتغلط وبنتها اول مبتزعل منها مش بتترمي غير في حضنها وانا بقه زعلانه اوي منك وبرده مش هرمي نفسي غير في حضنك...."
عانقتها بسمة بدموع الفرح من حنان تلك السيدة وبدايتهم التي على يقين أنها ستحمل مشاعر الامومه
التي فقدتها منذ فقدان والديها..... بدلتها أنعام العناق
بحنان الأم التي كسبت بها بسمة بعد اسيل أصغر احفادها.....

كان يراقبهم بعيناه مُبتسماً لأول مرة بسعادة من تغير جدته عن مفهوم الحيآة، وتاثراً من زوجته النقية وقلبها ذو الصفاء القاتل لروحه القاتمة وكان مثليتها تلك تُربكه لتخبره بطريقة مباشرة أنها لا تناسبه أبداً !....

ترك المكان وعاد ادراجه.......

"خيانه ياجدعان تيته حبيبتي بتحضن حد غيري.."
صاحت أسيل وهي تدلف إليهم....

خرجت بسمة من احضان انعام لتمسح دموعها وهي تبتسم ومن ثمَ زمجرت بها بضيق....
"اهلاً أخيراً شرفتي كُنتي فين...."

سلمت عليها اسيل بحرارة...
"لسه جايا من المعرض وللهِ...عامله إيه...."

"الحمدلله..."

"وتيته نعومى عامله إيه...."احضنتها اسيل لتلكزة انعام بخفة قائلة....
"يابت بطلي لماضه...."

"ياماما الماضا يعني اسيل مش محتاجه كلام..."تحدثت بسمة وهي تعود للجلوس على مقعدها ...

اندهشت اسيل من حديثهم الودود لبعضهم لتساءل
بمزاح....
"هو أنا فكره أن كل إللي غبته عن البيت تسع ساعات
هل التسع ساعات دول بيشقلبه الحال بشكل ده....هو ايه إللي حصل في غيابي بظبط.....انته اتصلحتو...."

تحدثت بسمة بلؤم لاسيل...
"وأحنا من امتى كنا متخصمين..."

ضيقت اسيل عينيها وقالت بخبث...
"ياراجل....انتي بترسمي رسمه على رسامه مُحترفه
بجد اتصلحته أمته...."

"رسامة مُحترفة ياخربيت توضعك...على العموم النهارده، عندك مانع اشاركك في الست القمر إللي قعده جمبي دي...."

ضحكت أنعام بخفوت على حديث بسمة العفوي .....

"أكيد عندي مانع اشارك القمر مع حد لكن لو معاكي
انتي أنا اوفق وبشدة دا أنا مصدقت...."احتضنتها
أسيل بوجه متهلل بالسعادة والحماس كذلك....
إبتسمت انعام قائلة بعتاب طفيف....
"اخص عليكم وأنا مليش من الحب جانب..."

ابتعدت بسمة عن اسيل ونظرو لبعضهم بإبتسامة
مُشرقة ليقتربو نحوها واخذت كل واحده
منهم جانباً في احضانها لتُريح رأسها عليه...

تنهدت أنعام برضا وراحة ومن ثم مسدت على شعرهم بكلتا يداها الاثنين وهي تقول بخفوت....
"ربنا يحفظكم ويحميكم يارب...."
____________________________________
خرجت من الحمام ترتدي ثياب الاستحمام توجهت
وهي تجفف شعرها بالمنشفة الى غرفة الملابس
بركن الخاص بها..

اغلقت الباب عليها بدون ان توصده جيداً، بدأت بفتح درج صغير لاخراج ملابسها الدخيلة
أختارت طقم معين ومن ثمَ أغلقت الدرج واستدارت اتصدم جسدها بحائط صلب...... شهقت بصدمة وتفقدت ما أمامها لتجد جواد يقف أمامها ولا يفصلهم شيء...

"جواد بتعمل إيه هنا....." سألته وهي تبتلع ريقها بتوتر وحرج كذلك.... سحب مابين يداها وتفقده بعينيه قائلاً بخبث....
"اي ده هي الكمامة بقت ملونه اليومين دول...."
سحبت الملابس من يداه واخفتهم وراء ظهرها بوجه
مُشتعل بالاحمرار.....
"هات ده.....جاي ليه بقه وعايز إيه...."تلامس خصلة
مبللة من شعرها بأطراف اصابعه....
"كنت جاي اتكلم معاكي في موضوع مهم...."نظر لها
بوقاحه متفقد قوامها المغطى تحت هذا الثوب وكأنه
يجرده من عليها..... ازدرات مابحلقها وشتت عقلها من تلك المرواغة الواضحة.....اشاحت بعلسليتان خجولتان....
"ماشي....استناني برا وأنا هغير وجيه..."

تنهد بخبث واستدار مُبتعدٍ عنها....اولته ظهرها عمدان لحين ذهابه من أمامها سريعاً....هدأ المكان
من حولها ألتفت مُتفقدة الغرفة من حولها...

شهقت بفزع حين وجدته مُستند بظهره على الحائط
يتفقد هاتفه بانشغال واضح.....

"لا بجد......أنا مش فاهمه ده معنى إيه...."

رفع عينه وتقوس بشفتيه باستمتاع لاغضابها اللذيذ...
"مش قولتي استناكي اديني مستني...."

مسحت على وجهها بنفاذ صبر ومن ثمَ تمتمت بصوتٍ خافض......
"لا..... كده كتير عليه...."ارتفع مستوى صوتها قليلاً...
"اتكلم ياجواد كنت عايزني في إيه...."

"مم....اتكلم وانتي كده...."تفقد جسدها بثوب الاستحمام بخبث.....زفرت بحدة....
"واضح أن مفيش أي حاجه وانك جاي تعصبني وخلاص...."

"مم...صح اعتذري..."

رفعت حاجبها بعدم فهم....
"اعتذر..... اعتذر على إيه...."

حدثها ببرود معاتباً....
"على لسانك الطويل...وأنك طول الوقت بتنطحي معايا بكلام....."

"بنطح ليه شايفين طور..."

"لا طوره ....."

اقتربت منه ورفعت سبابتها أمامه بحدة
وصاحت....
"على فكره بقه أنا مسمحلكش إنك تهني...."

"على فكره صُبعك هيخرم عيني..."أنزل سبابتها ليضيف بعدم اكترث.....
"وكمان على فكره بقه أنا صححت صيغة الكلمة بالمؤنث لكن الكلمه من البداية خرجت من شفيفك
الحلوين دول...."تلامس شفتيها باطرف أصابعه....

ابتعدت عنه بضيق.....
"تمام عندك حق أنا إللي جايبه الكلام لنفسي.....ممكن تخرج بقه....."

"لم تتأسفي لجوزك على قلة ادبك معاه وعنادك ابقه أخرج...."

"لا بقه كده كتير..... مستحيل اعتذر أنا مش غلطانه
أنا كمان من حقي أقول لا على حاجه مش مقتنعه بيها....."

"نتناقش مش نتعصب ونقول لا وخلاص.... أنتي مش قولتي لا وخلاص برده؟....."سألها بصوت رخيم....

مطت شفتيها بعد أن أدركت حديثه الصائب....
"تمام....حصل خير بعد كده نبقى نتناقش...."

لم يرد عليها جواد أراح ظهره على الحائط مرة اخره
ببرود....

"جواد أنا عايز أغير على فكرة...."

مد يده للامام قائلاً بفتور غير مُناسب للموقف...
"اتفضلي غيري أنا منعك...."

"يعني إيه أغير وأنت وقف أدامي كده....."

"عادي يابيبي اعتبريني زي جوزك...."تقوس فمه بستهزء....

اشتعلت من تلك الكلمة التي تكرهه بشدة ولا تعرف لماذا ؟....

"على فكره أنا اسمي بسمة...."زمجرت بجنون....

"تمام يافرولتي.... يلا بقه غيري هدومك لحسان تبردي.... وكمان بصراحه أنا عايز اشوف الوحمه
هي لسه حمره برده...."

عضت على شفتيها بغضب....
"ممكن تبطل قلة آدب...."

"لا إله إلا الله.... هو أنا لمستك يابنتي أنا فين وانتي فين....." نظر لها والمسافة بينهم محدوده....

"ااه ملمستنيش بس عينك قيما بالواجب...." صاحت بحنق....

"لا حول ولاقوة الابالله.... حتى النظره البريئه بقت جريمه..... اكونشي بتحرش بيكي وأنا مش واخد
بالي...."

زفرت بضيق من اصراره على استفزازها بالوحة الثلج
الذي يمتلكها بلسانه السليط.....

"جواد أنا بدأت اسقع....."

"طب تعالي ادفيكي....."

"نعم...."

"هقلعلك التيشرت يعني مالك...."غمز بوقاحه.

"لا شكراً...."حدثته بغيظ.... لتتريث برهة قبل ان تقول بهدوء....
"أنا آسفه......"

"على إيه...."تسأل بمكر.....

"على طريقتي وعصبيتي عليك بسبب موضوع لميس...."

"وده من قلبك ولا عشان بدأتي تسقعي....."

نظرت له بغيظ ممزوج بتوسل.....

زين ثغره ابتسامة لم تلامس عينيه مُقترب منها
ليضمها الى احضانه بصمت مرر كف يداه على ظهرها
بحنان....

"بتعمل إيه ياجواد....."

"بدفيكي يافرولتي.... مش سقعانه برده ولا بتشتغليني....."مالى قليلاً برأسه عليها مُتسائلاً بشك...

عقدة ذراعها حول خصره لفرق الطول بينهم لترد عليه بهيام.....
"لا سقعانه اوي...."أبتعد عنها سريعاً وقال بلؤم...
"طب متلبسي يابيبي مستني إيه...."

هتفت بأسمه بغيظ من ابتعاده عنها....
"جواد..... أنت غلس....."

"وانتي لسانك طويل ومسيره هقصه ليكي قريب...."
قرص وجنتيها بلطف وثم خرج وتركها لكن استدار قبل ان يتخطى أطار الباب....

"حاولي تقفلي البورنص حلو وانتي خارجه من الحمام عشان متسقعيش تاني ......."خرج تاركها
تنظر الى فتحت صدرها لتجدها مُتسعة زيادة عن الزوم..... شهقت بصدمه وهي تلملمها بيدها .....
"يالهوي هوَ؟؟ ..... ياقليل الادب ياجواد....."عضت على شفتيها بقهراً من هذا الموقف الذي لن تحسد عليه
أبداً !...
____________________________________
بعد نصف ساعة كان يستلقي على الفراش يتفقد
هاتفه بملل... كان ينتظر خروجها على احر من الجمر
لكن للحظة من الإنتظار المُلتهب لرؤية وجهها الخجول ، سمع ارتطام قوي من غرفة ملابسها ليقفز بسرعة وبفزع مُنادي عليها بخوف .....
" بسمة...... "


يتبع الفصل الخامس والعشرون اضغط هنا 



reaction:

تعليقات